محاكمة صدام انتصاف للتاريخ
ضمن مقالها ''من يحاكم من في العراق؟'' المنشور في وجهات نظر يوم الإثنين تحدثت الكاتبة عائشة المري عن بعض مشاهد وأبعاد محاكمة الطاغية صدام التي ما زالت متواصلة على قدم وساق على رغم بعض ما يقال ويسرب عن إمكانية استقالة رئيس المحكمة رزكار محمد أمين· وما أود إضافته إلى مقال الكاتبة التحليلي القيم هو أن هذه المحاكمة هي بالنسبة لنا كعراقيين نوع من الانتصاف للتاريخ· فهذا الطاغية أباد مناطق وقرى كثيرة من العراق بالأسلحة المحرمة دوليا، وامتدت جرائم نظامه لتشمل جميع الطوائف والأعراق لا فرق في ذلك بين شيعي وسني، ولا بين عربي وكردي· كما أن صدام طيلة ثلاثة عقود بدد ثروات العراق الهائلة في حروب عبثية وأباد أكثر من مليون من خيرة شباب العراق هم وقود تلك الحروب، وكان يمكن أن يقوم كل هؤلاء الشباب بتنمية البلاد وبنائها لتصبح معجزة اقتصادية حقيقية بدل تخريبها وتدميرها وتركها تواجه كل هذه المصائب المدلهمة التي ما زلنا ندفع ثمنها الآن· وليس هذا كل شيء، فقد أدت الحروب الصدامية المجنونة إلى تهجير وهجرة قرابة خمسة ملايين من خيرة العراقيين هم الآن فاقد سكاني في المنافي ومخيمات اللجوء وحتى في عرض البحار وقد خسرهم العراق ولا أحد يعرف إن كانوا سيعودون إلى الوطن أم لا· ولكل هذه الأسباب فإن محاكمة صدام هي محاكمة لفترة مظلمة من تاريخ العراق تحت حديد ونار حزب البعث المجرم، الذي سرق بلادنا لأكثر من ثلاثة عقود وأحرق الحرث والنسل· أما مزايدات صدام وبرزان وغيرهما في جلسات المحكمة فلا أحد يعطيها أهمية لأن ما انتهت إليه إمبراطورية البعث الفاشية بات الآن معروفا ولم يبق إلا أن نتخلص حتى من ذكريات تلك الأيام الغبراء وننظف ذاكرتنا الجماعية منها·
نعمان جميل- عجمان