ثمة محاولات تقوم بها حركة ''حماس'' من أجل تحسين صورتها، وصلت كما قرأنا في الصحف إلى حد الاستعانة بخبير في الدعاية والإعلان لمحاولة تغيير اللهجة السياسية والخطاب الدعائي للحركة وتحسين صورتها في الأذهان من منظمة تدعو إلى اعتماد العنف باعتباره الوسيلة للتحرر من الاحتلال إلى منظمة مسالمة· ويقول أحد قادة الحركة الآن إن منظمته في الأساس منظمة مسالمة، وإن الاحتلال هو الذي دفعها إلى العنف، ولكنها في الحقيقة لا تعادي الإسرائيليين باعتبارهم يهوداً، ولا تكره اليهود ولا تود إلقاءهم في البحر، وإنها تحب الآخرين، وإن هذا الحب جزء من الدين الإسلامي، وإنها ترحب بالقبول بآليات الديمقراطية·
ربما تكون هذه هي حقا الأسباب التي دعت الحركة إلى تغيير الصورة التي روجتها إسرائيل عنها في العالم، وهي أنها منظمة تقتل لمجرد القتل، وأنها منظمة مكونة من المتطرفين المهووسين الذين يقومون بإرسال شبابهم لتفجير أنفسهم وسط المدنيين من الأطفال والنساء الإسرائيليين الأبرياء·
ولكن التحولات المفاجئة سواء للأشخاص أوالمنظمات، غالبا ما تخفي وراءها أسباباً تختلف عن الأسباب المعلنة· ربما يكون الموضوع ببساطة هو أن ''حماس'' ربما أدركت إن السلطة الفلسطينية قد وصلت إلى درجة كبيرة من الضعف، ولذلك قررت أن تهيء نفسها للحلول محلها، وكان لا بد لها في سياق ذلك أن تحاول تغيير صورتها، وأن تنظم صفوفها للفوز في الانتخابات القادمة· قد يقول البعض إن هذا أمر مشروع ولا غبار عليه ما دام يتم عبر آلية صناديق الاقتراع، ولكن هناك مخاوف تنتاب بعض الفلسطينيين الآن أن تعود ''حماس'' إذا ما وصلت إلى مواقع السيطرة والنفوذ أو تمكنت من الحلول محل السلطة الفلسطينية، إلى العنف الدموي ليس ضد إسرائيل فقط هذه المرة (فهذا على الأقل أمر يراه الكثيرون مقاومة مشروعة للاحتلال الأجنبي)· ولكن ضد كل من يخالفها الرأي والتوجهات، وذلك كما حدث في الدول التي وصلت فيها منظمات الإسلام السياسي المتطرفة إلى سدة الحكم·
فادي مرعي- دبي