التهديد الذي أطلقه الرئيس الفرنسي جاك شيراك منذ أقل من أسبوع، والذي قال فيه إن فرنسا سوف ترد على أي هجوم يقع على أراضيها بضرب الدولة التي حرضت على هذا الهجوم بالأسلحة النووية، تهديد يبعث على الدهشة في الحقيقة خصوصا وأنه صادر عن رئيس اشتهر دائماً بدعوته إلى العقلانية وإلى تجنب الحروب· قد يفسر البعض ذلك التصريح الغريب من خلال القول إن المواقف التي كان يدعو فيها شيراك إلى العقلانية وإلى تجنب الحروب كانت نابعة من أهداف براغماتية وليست تعبيراً عن مبادئ ثابتة للسياسة الفرنسية· وهناك احتمال أو تفسير آخر هو أن شيراك ربما يريد أن يخيف أحمدي نجاد الذي ما انفك يطلق التصريحات المتطرفة· وإذا ما كان شيراك يريد ذلك بالفعل وهدفه هو ردع إيران وعدم دفعها إلى القيام بأي عمل متهور سواء بشكل مباشر أو غير مباشر (عن طريق الجماعات المؤيدة لها)، فإن هذا التصريح يمكن اعتباره في هذه الحالة استكمالاً للتهديدات الأميركية بالمقاطعة وتغيير النظام، وللتهديدات الإسرائيلية الصادرة عن أكثر من مسؤول رفيع خلال الأشهر الأخيرة بضرب المنشآت النووية الإيرانية· إذا ما كان هذا هو هدف شيراك فعلاً من تصريحه، فإن حيرتنا ستزول·
أما إذا كان يقصد ما يقوله بالفعل، فإن الكثيرين في هذه الحالة سيتساءلون: وما الفرق إذن بينه وبين أحمدي نجاد؟ وقد يقول قائل آخر: لعل شيراك قد رأى أن اللحظة الحالية التي تتعرض فيها الولايات المتحدة إلى الكثير من المآزق والصعوبات، هي لحظة مناسبة للتعبير عن رغبة فرنسا في إعادة دورها الإمبريالي السابق، من خلال تذكير العالم بأنها دولة عظمى لن تتورع عن عمل أي شيء لحماية مصالحها حتى لو اضطرت لاستخدام سلاحها النووي·
علي سعد الله- الشارقة