موقع الإمارات من الاندماجات العالمية
فيما يبدو وكأنه سباق محموم مع الزمن واستعداد لابد منه لمرحلة ما بعد تحرير التجارة العالمية، يشهد العالم حاليا موجة من الاندماجات الكبرى بين الكيانات الاقتصادية العاملة في مختلف القطاعات، حيث تجاوزت هذه الاندماجات في حجمها 1,95 تريليون دولار، خلال العام الماضي، أو ما يقرب من 5% من مجموع الناتج المحلي الإجمالي لجميع دول العالم مجتمعة، مقارنة مع 1,3 تريليون دولار في عام ،2004 بل إن قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ بلغت في دولة واحدة فقط مثل الصين 65 مليار دولار، خلال العام الماضي·
فيما تكتسب حركة التحالفات والاندماجات الاقتصادية زخما قويا وتنوعا كبيرا وإيقاعا متسارعا مع الزمن، في بقاع العالم المختلفة، تتهرب المؤسسات المحلية من الاندماج، بسبب قراءتها غير الصحيحة للتحديات المقبلة، مما يصعب من تكيفها مع استحقاقات وتحديات العولمة، حيث مازالت عمليات الاندماج بين المنشآت الاقتصادية المحلية شبه معدومة تماما، لأن أكثر من 90% من هذه المنشآت مازالت صغيرة وتعمل في سوق محلية مغلقة وضيقة نسبيا وتتمتع بقدر كبير من الحماية، ولأن العديد من المستثمرين مازالوا يرفضون العمل كفريق، ويفضلون العمل الانفرادي، ولأن هناك غيابا كبيرا للأنظمة والقوانين التي تحدد إجراءات الاندماج بين المنشآت الاقتصادية وشروطه، وبالتالي فإن هذه المنشآت لم تشعر بعد بالخطر الحقيقي وبحجم الضغوط التي ستواجهها في ظل حرية التجارة العالمية·
لعل حالة الازدهار الاقتصادي التي تعيشها الدولة حاليا تتيح فرصة كبيرة للمنشآت والشركات المحلية، خاصة البنوك والمؤسسات المالية، للاندماج فيما بينها مكونة كيانات اقتصادية كبيرة قادرة على الصمود في وجه التحديات التي تصاحب انفتاح الحدود الاقتصادية والتجارية بين الدول، قبل أن تجد العديد من المنشآت الاقتصادية الصغيرة نفسها مهددة بفقدان حصتها في أسواقها المحلية لمصلحة الكيانات الاقتصادية الدولية· إن عمليات الاندماج بين هذه المنشآت مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى، لتحسين قدرتها التنافسية والتسويقية، وتقليل تكاليفها الإنتاجية والإدارية، من أجل البقاء في عالم لا يعترف بالكيانات الصغيرة· كما أن محدودية حجم السوق المحلية وبالتالي صغر منشآته الاقتصادية وتشابه نشاطها، وقرب موعد تحرير التجارة الدولية، وانفتاح هذه المنشآت على منافسة عالمية لا تقوى عليها، جميعها دوافع ومتغيرات تفرض الاندماج خيارا وحيدا أمام المنشآت الاقتصادية المحلية في المرحلة المقبلة·
إن إيجاد آلية تقوم بتنسيق عمليات الاندماج بين المنشآت والشركات المحلية أمر مهم لتجاوز العقبات التي يمكن أن تعترض نجاح عمليات الاندماج· كما يمكن للمنشآت المحلية أيضا التركيز على التحالفات كمرحلة أولية مهمة قبل إتمام عملية الاندماج، حيث يؤدي هذا التحالف إلى تحقيق خبرة معرفية شاملة بالطرف الآخر، ويتمثل في الإنفاق على التعاون في مجالات محددة بهدف تحقيق مصالح مشتركة، على أن يظل كل كيان، ولفترة من الزمن، مستقلا عن الآخر· كما أن هذه التحالفات تساعد الأطراف كافة على تطوير أدائها بأقل التكاليف من خلال تجميع المهارات والخبرات المتوافرة لدى الأطراف المتحالفة· ولضمان تحالفات ناجحة، لابد من وجود شفافية وثقة تامة بين الأطراف المتحالفة مؤسسة على قاعدة صلبة من البيانات والمعرفة والاتصال بين الشركاء، بالإضافة إلى تحقيق عنصر التوافق في الحجم والقوة بالنسبة إلى الأطراف المتحالفة، بحيث لا يسيطر شريك أقوى على آخر·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae