أسواق الأسهم المحلية تمر بحالة تسيطر عليها رؤية ضبابية على المدى القريب والمتوسط، ففي الوقت الذي تعيش فيه السوق أفضل حالاتها من النواحي الفنية والأساسية، بفضل النتائج الإيجابية للشركات التي تعلن بشكل شبه يومي حاليا، والبيانات الحكومية التي تحمل مؤشرات إلى استمرار النمو الاقتصادي القوي خلال العام الجاري، تتباين أسعار الأسهم داخل نطاق محدود، لتتجاهل بذلك كل تلك العوامل التي من شأنها دعم حركة التعاملات ورفع أسعار الأسهم على نحو ملحوظ·
ومع وجود تلك العوامل الإيجابية، يتساءل كثيرون من مرتادي السوق : ''لماذا تتراجع الأسعار على الرغم من وجود عوامل محفزة لارتفاعها؟·· ولماذا تتخلى الأسهم المحلية عن ارتفاعها الموسمي خاصة بعد إعلان البيانات السنوية للشركات؟!''
البعض يعزو الحالة التي يمر بها السوق حاليا، إلى الارتفاعات القياسية التي مرت بها أسعار الأسهم على مدار العام الماضي، ومن ثم فإن ما يحدث حاليا ليس إلا مرحلة تصحيح للأسعار· البعض الآخر ذهب إلى تفسير بعيد، حيث أرجع انخفاض أسعار الأسهم إلى تراجع السيولة في الأسواق المحلية نتيجة الاكتتابات الأخيرة، وأسباب أخرى عديدة ساقها خبراء السوق في تفسيرات متشابهة للخروج برؤية واضحة عن أسباب تراجع أسعار الأسهم في السوق المحلية· ومن المؤكد أن السوق شهد ارتفاعات كبيرة خلال العام الماضي، مثلما شهد مجموعة من الاكتتابات على الأسهم سواء المحلية أو الخليجية، إلا أن المؤكد أيضا أن هناك أسبابا أخرى ساهمت بدرجة لا تقل أهمية عن تلك الأسباب الفنية في فرض ضغوط متتالية على السوق، في مقدمتها المخاوف من حدوث انتكاسة فجائية للسوق وتسجيل انخفاضات حادة، ومن ثم يفضل الكثيرون الانتظار ومراقبة الموقف لحين وضوح الصورة كاملة·
سبب آخر لم يبرزه خبراء السوق حتى الآن، وهو المخاوف من المضاربة، فعلى الرغم من الآليات التي استحدثتها أسواقنا المحلية لمراقبة التداول ومنع المضاربة والتأكد من صحة الصفقات التي تتم يوميا، إلا أن فريقا كبيرا من المتعاملين يتخوفون من الصفقات الضخمة التي تعلن بين حين وآخر، فقد تكون صفقة الغرض منها توجيه السوق، والتلاعب لتحقيق أرباح ضخمة والخروج في أسرع وقت ممكن، مخلفة وراءها خسائر بالمليارات·
ورغم تلك المخاوف، فإن الحقيقة التي لا يمكن إغفالها هي أن السوق لن يستمر على هذا النحو طويلا، والأسابيع القليلة المقبلة ستشهد ارتفاعات متتالية لأسعار الأسهم، بعد الانتهاء من الإعلان عن بيانات الشركات، واتضاح الصورة كاملة أمام المتعاملين، والتأكد من درجة الشفافية التي تتعامل بها الشركات في الإعلان عن بياناتها، وكذلك التأكد من سلامة كافة العمليات التي تتم في السوق سواء كانت صفقات ضخمة أو متوسطة·
ويمكن تلخيص حالة السوق وما تمر به حاليا، بأنها رد فعل طبيعي لمخاوف المستثمرين، وهي ظاهرة صحية تدل على مدى استجابة السوق سريعا للعوامل المحركة لها·