لقد حرمت الحرب اللبنانية العديد من اللبنانيين من ممارسة حقهم في الانتخابات لأسباب عديدة منها عدم القدرة على إجراء الانتخابات في ظل التناحر والتقاتل بين أبناء الوطن الواحد، وإما للتمديد للمجلس النيابي لفترات محددة· وبما أنني من جيل الحرب وممن غادروا الوطن لقناعة راسخة أن لبنان والشعب اللبناني سوف يكونان الخاسرين الوحيدين من هكذا حرب عبثية، لذا لم تسنح لي الفرصة أن أمارس حقي في التصويت والاقتراع وحرمت عدة مرات من الاقتراع لهذه الأسباب ولست بنادم ومرتاح الضمير على الأقل بعدم الاقتراع لأنني لم أساهم أو ألوث صوتي آنذاك بما قد ارتكب بحق الوطن والمواطنية ولم أساهم بإيصال من ساهموا في هدر خيراته وتدمير مقدراته والتسلط على أمنه واستقراره وشردوا شعبه في دنيا الاغتراب· وبما أنني كنت أمضي عطلة الأعياد في كندا وقد تزامنت هذه العطلة مع مواعيد الاقتراع هناك وبما أنني أيضاً مواطن كندي، فوجئت بمن يقرع باب منزلي، ليحييني ويعطيني لائحة توجز برنامـــج العمل المستقبلــي للحزب الذي ينتمـــي إليه ويسرد ما تحقـــق على يـــدي الأغلبية الحاكمة في البرلمان الكندي· لم أدرِ عندها أن مـــن يدعونـــي للانتخاب ''هــو'' أو بالأحــرى ''هــي'' النائب بعينه!
شكرتهـــا وأعلنت دعمي الشفهــــي لها وتمنياتي لهــــا بالفوز معتذراً عن عدم قدرتي على الاقتراع كون العطلة تنتهــــي قبل حلول موعد الانتخابات فأجابتني: تستطيـــــع أن تنتخب لأن بعض مكاتب الاقتراع تفتح مسبقاً لمن يريد الاقتراع! وأشــــارت إلى أقرب مكتب للمنطقة التي أسكن فيها مثنية علـــــى ممارسة حقــــي في المساهمة في اختيار من أشعر بأنه يمثل تطلعاتي وأساهــــم بإيصال من أريد إلى الندوة النيابية· لقــد ذهبت واقترعـــت لمن أريد وهـــذا أيضـــــاً أستطيـــع أن أمارســــه في لبنان ولكن المفارقــــة أنني للمــــرة الأولى أشعــــر أن النائب بحاجـــة لي كــــي يمثلني وكي يؤكــــد لي هـــذا جــــاء يقرع باب منزلـــــي دون أن يعرفنــــي من أي ديـــن أو طائفــــة أو لـــون· إنها مواطنيتي الكنديـــــة التي أنتســــب إليهـــا ما يربطــــه بــي وما يربطني به وديمقراطية التعبير والقانون الذي يحترم الإنســـان وحقــــه·
شوقي أبو عيَّاش- لبنان