نعم··· نريد مدن ما بعد الحداثة!
في مقاله ''مدن ما بعد الحداثة الخليجية'' المنشور في صفحات ''وجهات نظر'' يوم الخميس الماضي، تحدث الكاتب د· علي فخرو عن بعض الظواهر السلبية التي تسم المدينة في مجتمعاتنا العربية، ضاربا المثل بالحالة الخليجية، متهما العرب بالتوجه المتزايد لتقليد الغرب في كل شيء· وإنني إذ أتفق مع الكاتب الكريم في ضرورة الحفاظ على خصوصيتنا الثقافية، والحضارية، إلا أنني أختلف معه، على طول الخط، حول مسألة ضرورة بناء مدن حديثة، فنحن بحاجة على التحديث، وبناء المدن والمجمعات السكنية وفق أحدث الأساليب شأننا في ذلك شأن الدول والأمم الأخرى، وليس بالضرورة معنى ذلك أننا سوف ننسلخ من جذورنا أو نخرج رأسا من جلودنا· ووجه المفارقة في مقال الكاتب الكريم، حسب رأيي الخاص، هو أنه أقام نوعا من المماثلة الذهنية بين مدن الحداثة والاغتراب والانسلاخ من الذات والهوية· وهذا ليس أمرا محتوما فاليابان بنت مدنا ما بعد حداثية ولكنها ما زالت ثقافيا واجتماعيا مجتمعا شرقيا له عاداته وتقاليده الثقافية الراسخة· وماليزيا بنت المجمعات السكنية والصناعية ما بعد الحداثية ولكنها كانت وما زالت دولة إسلامية مخلصة لدينها وتقاليدها الثقافية والحضارية· وإذا كان الكاتب يريد أن يتم استغلال العائد النفطي المتزايد بفعل ارتفاع أسعار الطاقة في مجال تنموي جاد، فهذا رأي سديد دون شك، ولكن ليس هنالك اليوم مجال أكثر جدية للاستثمار من بناء المراكز التجارية، والمجمعات الاستثمارية الراقية، لأن اقتصاد الغد يسير في هذا الاتجاه وليس في الاتجاه الذي يتصوره الكاتب، دون أن يقول ذلك صراحة، وهو اقتصاد المصانع ذات المداخن· وعلى كل حال فإن دولنا العربية، ومن ضمنها الدول الخليجية، مطالبة باستغلال الطفرة النفطية الحالية على أفضل نحو، لأن وقتا طويلا ربما سيمر دون أن تتكرر طفرة كهذه، بل إن البحث المحموم في الغرب عن بدائل لنفطنا يجب أن يدق لدى حكوماتنا الرشيدة أجراس الإنذار بحيث تنوع مصادر الدخل، من تجارة وسياحة، وصناعة، حتى لا نجد أنفسنا بعد تقدم صناعة مصادر الطاقة البديلة، ونحن خارج معادلة الاقتصاد العالمي، لا سمح الله·
ناجي أبو كيل- أبوظبي