احترام حقوق الإنسان ونسبية الحقائق
لا يسعني إخفاء غبطتي بهذا الصوت الذي يطرح قضايا وثيقة الصلة بالإصلاح، والذي لا يكل ولا يمل من الطرق المستمر على هذا الباب· إنه صوت الكاتبة زينب حفني· فما قرأت لها مقالاً إلا ووجدتها تطرق قضية ما لها صلة بمطلب تحريك المياه الراكدة في الحياة الاجتماعية والسياسية بالمنطقة العربية برمتها؛ ففي مقالها المنشور في صفحات ''وجهات نظر'' يوم الجمعة الماضي، والمعنون بـ''بناء كرامة الإنسان''، تُعبر الكاتبة عن فكرة مفادها أنه لا يمكن استشعار الوجع العام، إلا انطلاقاً من الشعور بالوجع الشخصي، ذلك أن الإنسان لا يعرف معنى الألم، ما لم يحس بوخز الشوك في جلده كما تقول· ولذلك، فإنه مقال عن وجع بناء الكرامة الإنسانية·
أسست الكاتبة دعوتها هذه على فكرة الصحوة العالمية التي اجتاحت العالم كله من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، استناداً على حق الإنسان في العيش بسلام على الأرض، وعلى حريته وصيانة واحترام حقوقه الأساسية· وإن كانت قد أشادت بتجربة فرنسا والجزء الغالب من العالم الغربي، في نبذ ماضي العبودية والاستعمار وشجب ماضيه المخزي في تكبيل هذه الحريات والحقوق، فقد أخذت على المنطقة العربية تقاعسها عن تغيير واقعها وإطلاق حريات مواطنيها واحترام إنسانيتهم وحقوقهم· وعلى الرغم من تعاطفي الكبير مع الكاتبة في معظم ما تطرح من قضايا وأفكار، فإن الوقائع والحقائق تظل نسبية عادة حتى في الغرب نفسه، مع الاعتراف بأنه قطع شوطاً بعيداً في احترام هذه الحقوق وصيانتها· ودونك أوضاع النساء في الغرب، وما شهدته فرنسا التي استشهدت بها الكاتبة، من أحداث عنف وشغب في أوساط الجاليات المهاجرة، مع العلم أن الذي حرك مشاعر العنف تلك، ليس شيئاً آخر سوى الشعور بالاضطهاد والظلم الاجتماعي في مجتمعات الحرية والانفتاح!
أحمد بشير السنهوري- السودان