النووي كتهديد فرنسي
جاء في مقال الكاتب جيفري كمب الذي حمل عنوان ''تهديدات شيراك النووية'' في عدد الأحد 29 يناير الجاري، أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وجه تهديداً إلى ما أسماه ''الدول المارقة'' باحتمال توجيه هجوم نووي مضاد لها، فيما لو واصلت تهديداتها الأمنية المتضمنة لاستخدام أسلحة الدمار الشامل· جاء ذلك التهديد، في الخطاب الذي ألقاه شيراك أمام الضباط العسكريين الفرنسيين، وخلال استعراضه لمبادئ العقيدة العسكرية الفرنسية، في التاسع عشر من شهر يناير ·2006 وأورد الكاتب في تحليله لهذا التصريح، أن أقل ما يفعله أنه سوف يخلق حالة من التعقيدات في المفاوضات الأوسع نطاقاً والدائرة اليوم حول استخدام أسلحة الدمار الشامل، بما فيها المفاوضات الجارية مع إيران·
لكن وبما أن التصريح المذكور، ورد في سياق استعراض مبادئ وأركان العقيدة العسكرية الفرنسية، فإن تأثيره يصل إلى أبعاد جد مثيرة للاهتمام فيما يتصل بالمبادئ الرئيسية لاستخدام الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل· وما يلفت النظر في التصريح أنه يقرب المسافة كثيراً ما بين واشنطن وباريس، في تغير الموقف المبدئي من اسخدام السلاح النووي· فمن قبل كان المبدأ الثابت هو أن الأسلحة المذكورة لا تستخدم إلا بصفتها رادعاً عسكرياً، ولكن أن تطرح هكذا اليوم من جانب شيراك، فذلك يعني خفضها إلى مستوى الأسلحة الدفاعية التقليدية، لا أكثر!
أما عنصر التقارب الثاني ما بين باريس وواشنطن في العقيدة الحربية، فيتمثل في هذا التلويح بعصا الضربات العسكرية الاستباقية، مع العلم بأن شيراك كان من أشد منتقدي هذا المبدأ، ومن ثم من أشد منتقدي ومعارضي الحرب الأميركية على العراق والتي انبنت على المبدأ ذاته· فما الذي حدث لشيراك؟! نعلم أن التهديد لا يولد إلا التهديد المضاد، ولكن ما لا نعلمه هو أن تكون أداة التهديد هي أسلحة الدمار الشامل··· ولا شيء دونها!
مصطفى موسى - أبوظبي