الشفافية مجرد واجهة
في مقاله الممتع ''الشفافية: مصطلح مبتذل ومعنى مهجور''، المنشور في هذه الصفحات يوم السبت الماضي، تحدث الدكتور حسن عن مفهوم ''الشفافية'' في الممارسات السياسية العربية، مؤكداً أن هذه الكلمة كثيرا ما تستخدم عندنا كعرب، من قبيل استخدام اللفظ دون معناه· وإنني إذ أتفق مع الكاتب الكريم في معظم ما ذهب إليه، أريد أن أضيف بعض الملاحظات، إثراء للنقاش، وتوسعة للتفكير في هذا الموضوع، الذي أرى أنه مهم للغاية· أولا: الفصام النكد بين الكلمات والأشياء، بين الأسماء والمسميات، في ثقافتنا العربية، ليس حكرا على هذا النموذج، وإن كان يعبر عنه بوضوح· فكثير من المسميات والكلمات الفضفاضة التي تشق طريقها برتابة وبشكل مستمر في حياتنا وثقافتنا العربية، هي أسماء على غير مسميات، فالأحزاب، لو تأملت ليست أحزابا، والنقابات ليست نقابات، وإنما هما شلل ونوادي مستفيدين· والديمقراطية، لا نمارسها في الوطن العربي ولا نفهمها كما يفهمها ويمارسها العالم· وإنما هي طريقة مضمونة لبقاء الحزب الحاكم في السلطة، عن طريق خداع بصري يبدو للناظر أنه تعددية حزبية وحملات ومشاريع انتخابية، إلى آخر ما هنالك· ثانيا: لا يمكن إنزال الأسماء على مسمياتها وتحقيق مصالحة بين التنظير والممارسة ما لم تقم الثقافة العربية بعملية نقد داخلي مزدوج بحيث تقطع مع أخطاء الممارسات السابقة، وتجذر ممارسات جديدة لا يكون فيها المرء متناقضا مع نفسه، ولا يكون المصطلح مضادا ومتخاصما مع معناه، كما بيَّن ذلك الدكتور حنفي· وبدون إعادة غربلة ثقافتنا العربية، وتخليصها من التهرب من مواجهة الواقع، والصدق مع النفس، والاحتكام إلى الموضوعية في وصف ما هو كائن، لا أمل في أن تقوم قائمة للتحديث والديمقراطية في الوطن العربي·
عادل محمود- الشارقة