تحتل السكتة الدماغية المركز الثالث على قائمة أكثر أسباب الوفيات شيوعاً، والمركز الأول في قائمة أكثر أسباب الإعاقة الذهنية والبدنية انتشاراً؛ فعلى سبيل المثال، تتسبب السكتة الدماغية سنوياً في وفاة أكثر من ستة وسبعين ألف شخص في بريطانيا وحدها· هذه الوفيات تنتج جراء تلف وموت الخلايا العصبية، بسبب انخفاض تدفق الدم عبر الشرايين المغذية للمخ· وتتعدد وتتنوع الأسباب التي تؤثر على تدفق الدم للمخ، وإن كان يمكن تقسيمها إلى مجموعتين رئيسيتين: الانسدادية والنزيفية· في المجموعة الانسدادية، والمسؤولة عن 90% من حالات الإصابة، يوجد عائق ميكانيكي يمنع الدم من التدفق بكميات كافية· هذا العائق إما أن يكون جسماً صغيراً -جلطة دموية أو فقاعة هواء أو جزيئاً دهنياً- يكون في مكان آخر من الجسم، ويبقى يسافر عبر الشرايين الكبيرة إلى أن يصل إلى شرايين المخ الدقيقة ليتسبب في انسدادها· النوع الآخر من العوائق التي يمكنها أن تسبب انسداد شرايين المخ، هو نوع من الجلطة الدموية المحلية، تظل تنمو في الحجم إلى أن تسبب انسداد الشرايين أيضاً· أما بالنسبة للمجموعة النزيفية والتي تحدث لدى عشرة في المئة من الحالات، فكما يدل اسمها، تنتج من جراء حدوث نزيف بسبب انفجار أحد الشرايين داخل المخ· هذا التقسيم البسيط يؤدي بنا إلى إدراك أن السكتة الدماغية في أغلب الحالات، هي نتيجة لمرض في الشرايين، يؤدي إلى تكون جلطات أو إلى انفجار في تلك الشرايين· وهو ما يجعل عوامل الخطر المؤدية إلى الإصابة بأمراض الشرايين، هي نفسها تقريباً العوامل المؤدية للإصابة بالسكتة الدماغية بشكل مباشر·
أول عوامل الخطر ربما كان السن· فبعد سن الخامسة والخمسين، يتضاعف احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية بمرور كل عشر سنوات من عمر الشخص· ولذا يصبح احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية لشخص في الخامسة والستين من عمره، ضعف احتمالات إصابته عندما كان في سن الخامسة والخمسين· العامل الثاني هو جنس الشخص، فالذكور أكثر احتمالا للتعرض للذبحة الصدرية والسكتة الدماغية في سن مبكرة مقارنة بالإناث· وإن كانت وفيات الإناث من أمراض القلب والسكتة الدماغية، تبلغ ضعف عدد من يتوفى منهن من جميع أنواع الأمراض السرطانية على الإطلاق· ويزيد التدخين أيضاً من احتمالات الإصابة بالسكتة الدماغية، حيث يتسبب النيكوتين وأول أكسيد الكربون الموجودان في دخان التبغ في ضرر وتلف الشرايين· وتتسبب مستويات الكوليسترول المرتفعة في الدم في نفس الضرر، وخصوصاً إذا ما ترافقت مع وجود أحد عوامل الخطر الأخرى· ومن ضمن عوامل الخطر الأخرى بالغة الأهمية في الإصابة بأمراض شرايين القلب والمخ نذكر: ارتفاع ضغط الدم، وقلة النشاط البدني وانعدام ممارسة الرياضة، وزيادة الوزن والسمنة المفرطة، والإصابة بمرض السكري أو وجود تاريخ مرضي سابق للإصابة بالذبحة الصدرية أو السكتة الدماغية· ويلعب التوتر دوراً مهماً أيضاً في الإصابة بهذه الأمراض، إما بشكل مباشر من خلال آثاره السلبية على أعضاء وأجهزة الجسم، أو من خلال دفعه للشخص المتوتر إلى استهلاك كميات أكبر من احتياجاته من الطعام أو لجوئه للتدخين والابتعاد عن العناية بصحته بوجه عام·
ويحتل ارتفاع ضغط الدم مكانة خاصة، ضمن العوامل المعروف عنها تسببها في تصلب ومرض الشرايين· ويمكن ببساطة تعريف ضغط الدم بأنه القوة التي يضغط بها الدم على جدران الشرايين أثناء مروره بها· وهناك نوعان من ضغط الدم، الأول هو الانقباضي (الرقم الأعلى في قياسات ضغط الدم)، والذي يترافق مع انقباض عضلة القلب لضخ الدم في الشرايين والأوردة· والنوع الثاني هو الضغط الانبساطي (الرقم الأقل في قياسات ضغط الدم) والذي يترافق مع استرخاء عضلة القلب استعدادا لانقباضها من جديد· ويعتبر ضغط الدم المفضل هو الذي يقل عن 140/90 وإن كان هناك الكثير من العوامل الطبيعية التي تؤثر في ضغط الدم ارتفاعاً وانخفاضاً· فمثلاً يرتفع ضغط الدم أثناء ممارسة الرياضة، بينما ينخفض مع الاسترخاء أو النوم· والغريب أنه لا يوجد سبب واضح في 90 في المئة من حالات ارتفاع ضغط الدم المرضي، بينما يمكن إرجاع 10 في المئة فقط من حالات ارتفاع الضغط المرضي إلى أسباب محددة، مثل أمراض الكلى واضطرابات الهرمونات وبعض العقاقير مثل حبوب منع الحمل· ويتمتع أيضا ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم بنفس الأهمية في تأثيره شديد السلبية على صحة الشرايين وجدرانها· والكوليسترول عبارة عن مادة دهنية شمعية، يحتاجها الجسم البشري للقيام بالعديد من الوظائف الحيوية الأساسية، كإنتاج وبناء الخلايا الجديدة مثلاً· ويحصل الجسم في الأحوال العادية على احتياجاته من الكوليسترول إما عن طريق ما نتناوله من طعام أو من خلال إنتاج وتصنيع الكبد له· بل الحقيقة هي أنه رغم احتواء الكثير من الأطعمة على الكوليسترول، إلا أن 80% من احتياجات الجسم منه يتم توفيرها عبر الإنتاج الداخلي من خلال الكبد· وإذا ما كان الشخص يتناول بصفة دائمة أطعمة محتوية على كميات مرتفعة من الدهون المش