في بازار محلي لا يبعد أكثر من 200 ياردة عن البوابة الرئيسية للقاعدة الأميركية المترامية الأطراف في باجرام، يتم بيع محركات كمبيوتر Computer drives تحتوي على تقديرات عسكرية سرية لأهداف العدو، وأسماء للمسؤولين الأفغان الفاسدين، ووصف للدفاعات الأميركية، في "البازار" المحلي.
ويقول أصحاب المحلات في هذا "البازار" إن عمال النظافة، وجامعي القمامة، وغيرهم من العمال الذين يعملون داخل القاعدة يأتون إليهم كل يوم عارضين عليهم بضائع مسروقة تشمل سكاكين، وساعات، وثلاجات، وبطاقات ذاكرة منتزعة من أجهزة كمبيوتر نقالة.
ومن المعروف أن سرقة محركات الكمبيوتر بشكل خاص تحمل في طياتها إمكانية كشف الأسرار العسكرية، وكذلك أرقام الضمان الاجتماعي، وغيرها من المعلومات الشخصية للأفراد العسكريين.
وخلال الآونة الأخيرة، تمكن، أحد الصحفيين من الحصول على محركات كمبيوتر من "البازار" كانت تحتوي على وثائق "سرية". وكانت محتويات تلك المحركات تضم أيضاً وثائق يمكن أن تكون محرجة لباكستان، وكذلك أسماء لمجاهدين مشتبه فيهم، تسعى القوات المسلحة الأميركية إلى "أسرهم أو قتلهم"، وتفاصيل لمناقشات دارت عن جهود أميركية تهدف لـ"عزل" أو "تهميش" موظفين في الحكومة الأفغانية يعتبرهم العسكريون الأميركيون من "مثيري المشكلات". واحتوت تلك المحركات أيضاً على سجلات للقوات تضم أسماء 700 جندي أميركي، وأرقامهم العسكرية، وأرقام الضمان الاجتماعي الخاصة بهم، ومعلومات أخرى يمكن للصوص أن يقوموا باستخدامها لفتح حسابات بطاقات الائتمان بأسماء هؤلاء الجنود.
كما احتوت بطاقات الذاكرة التي كانت تباع في ذلك السوق، على معلومات سرية خطيرة عن إمكانيات "رادار محمول مضاد لمدافع الهاون" كان يتم استخدامه للكشف عن مصادر قذائف الهاون التي كانت العصابات الأفغانية المقاتلة تستخدمها. كما كانت البطاقة تحتوي كذلك على خريطة تحدد بدقة المعسكرات والقواعد الخاصة بالقوات الأميركية في العراق، والتي تم فيها نشر هذا الرادار المتطور اعتباراً من مارس عام 2004.
وعندما حاولنا التأكد من صحة هذه المعلومات، رفض المتحدث العسكري الأميركي الملازم "مايك كودي" التعليق على موضوع محركات الكمبيوتر، أو محتوياتها بحجة أن القوات المسلحة الأميركية الموجودة في أفغانستان لا تقوم "بمناقشة المسائل التي تتناول أو يمكن أن تؤثر على أمنها العملياتي".
وعلى الرغم من أن العمال الأفغان الذين يعملون في القاعدة الأميركية يتعرضون للتفتيش -كما هو مفترض- عند مغادرتهم للقاعدة في نهاية يوم العمل، فإنهم كما يقول أصحاب المحلات في "البازار" يتبعون أساليب متعددة لخداع الحراس مثل إخفاء محركات الكمبيوتر التي لا يزيد حجمها عن حجم "علبة العلكة" خلف بطاقة الهوية المعلقة على صدورهم. في حين يدعي أصحاب محلات آخرون أن الجنود الأميركيين ذاتهم يقومون بشكل غير قانوني ببيع ممتلكات عسكرية، ويساعدون على تهريبها خارج القاعدة، قائلين إنهم يحتاجون إلى النقود لدفع فواتير مستحقة عليهم في الوطن.
يذكر أن قاعدة باجرام التي تعتبر أكبر قاعدة عسكرية أميركية في أفغانستان، ومركزاً للأنشطة العسكرية السرية الأميركية، قد عانت من وجود ثغرات أمنية من قبل، منها هروب المساجين من مركز الاعتقال الموجود بها والذي كانت السلطات الأميركية تحتفظ فيه بالمئات من المشتبه في انتمائهم لتنظيم "القاعدة" ونظام "طالبان" رهن التحقيق.
واحتوى أحد محركات الكمبيوتر المسروقة من قاعدة "باجرام" على سلسلة من الشرائح التي تضم تفاصيل" الموجز العسكري" الذي تم تقديمه في يناير 2005 أمام المسؤولين الأميركيين العسكريين، والذي تم فيه تحديد أسماء عدد من المحافظين الأفغان، ورؤساء الشرطة، الذين يعتبرهم الأميركيون من "مثيري المشكلات" الذين تورطوا في أعمال خطف، وتجارة أفيون، وشن هجمات على القوات الحليفة باستخدام قنابل بدائية الصنع. وأظهرت تلك الشرائح الطرق الأميركية المفضلة للتعامل مع هؤلاء الرجال وهي "عزلهم من مناصبهم" أو "تهميشهم" إذا لم يكن العزل ممكناً. وفي شريحة أخرى تم تحديد أسماء 12 شخصاً ما بين محافظين وقادة شرطة ومسؤولين أقل رتبة تريد الولايات المتحدة عزلهم من مناصبهم، بسبب تورطهم في أنشطة تشمل التهريب، وتجنيد مقاتلي "طالبان"، والدعم النشط لقادة "طالبان"، حسب ما جاء في العرض. والذي اشتمل أيضاً على أسماء الأشخاص الذين يفضل العسكريون الأميركيون تعيينهم محل هؤلاء المسؤولين الفاسدين والمتورطين.
وجاء في الإيجاز العسكري أن الإجراءات المقرر اتخاذها ضد هؤلاء المسؤولين، ستتم بالتنسيق مع فرق مجموعات العمليات الخاصة، ويجب أن تتم الموافقة عليها من قِبل كبار القادة، وكذلك المحامين العسكريين، الذين يطبقون معايير محددة موضوعة من قبل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد.
في هذا السياق، يقوم العسكريون الأميركيون بمراعاة أية روابط قد تكون موجودة بين أي واحد من هؤلاء الشخصيات، وبين الرئيس حامد كرزاي، وأعضاء البرلمان، وأمراء الحرب السابقين، وكذل