ما بين لبنان وسوريا هو أكبر من ألا تتدخل فيه أطراف خارجية، فربع قرن من الوجود العسكري المباشر والدور الاستخباراتي الذي لم يترك نقطة في تجاعيد أجسادنا إلا ولامسها دون قفازات، لا يمكن أن تذهب آثاره تلقائياً وبعامل التقادم فحسب، وإنما يلزم لذلك جهد خارق أو قوة كبرى كي يقبل الطرف الأقوى في هذه المعادلة المختلة، أن يحرك أقدامه قليلاً نحو طاولة النقاش واجتراح الحل الممكن! ورغم كل ما حدث ويحدث، نجد هناك من يعتبر الدور الأميركي في حماية لبنان، ثمنا- بديلا عن الوصاية السورية المباشرة، وكأن لبنان لا يمكنه البقاء خارج التأثيرات الخارجية. الأمر هنا لا يعود إلى حقائق الوضع اللبناني ذاته، بقدر ما ينبع من نظرة تكرست طويلاً عبر الزمن في أذهان البعض حينما أثبتوا لأنفسهم أن لبنان بلد منقوص المواصفات أو مشروخ السيادة، وهم واهمون! يجب أن نخرج جميعاً من شرنقة الماضي، ومن التلبس بالمحاولات الميتة لتبرير أخطائه، وعلينا أن نخجل قليلاً من دور الشيطان الذي أدمناه طويلاً، وألا ندعي لأنفسنا دور الملاك ونحن نقتحم البيوت من نوافذها وسط الظلام وفي غفلة من ضمير التاريخ! جبران ناصيف- بيروت