في مقالته "الانحياز للإنسانية" المنشورة في "وجهات نظر" يوم الثلاثاء 12/9/2006، أحسن الدكتور البغدادي حيث ركز على ضرورة الاهتمام بالجوانب الإنسانية في حياة الناس، دفعاً للواقع المأسوي الذي تعيش فيه البشرية. ولكن أحسب أن الدكتور لم يوفق في وضعه للفكر الديني في الطرف المقابل المعادي لإنسانية الإنسان. فالدين الإلهي عموماً والدين الإسلامي بصفة خاصة جاء من أجل الإنسان وخيره في الدنيا والآخرة. وأكد على تكريمه وحفظ حقوقه وسعى لرعاية مصالحه وتحقيق سعادته. والنقاط العشر التي أوردها الدكتور مثل: احترام الإنسان وتقديره لذاته، وحرية الإنسان في اعتناق ما يشاء من عقائد وأفكار، ونبذ كل ما يتعارض مع قيم الإنسان وغيرها من القيم المحققة لإنسانية الإنسان، لا يعارضها الدين، بل لا تخرج عما جاء به الشرع وأكدته النصوص الدينية. كما أن الدعوة إلى الإنسانية بهذه الصورة رغم جماليتها، فإنها تفتقر إلى الضمانة اللازمة لتنفيذها، وكثير من تجارب "الليبراليين" دولاً وأفراداً وجماعات، تشير إلى تخليهم عن تلك القيم الإنسانية. بينما نجد في الدين ضماناً للحفاظ على تلك القيم وتنفيذها، يتمثل في الشريعة الإسلامية واستشعار رقابة الله تعالى حتى حين تغيب الشريعة أو يتخاذل الناس عن تطبيقها. وعليه فخير لليبراليين أن يسعوا مع الآخرين إلى إشاعة تلك القيم، واستغلال كل الوسائل الدينية والتربوية والتعليمية والإعلامية لنشرها في المجتمع، بدلاً من معاداة كل ما يأتي به الدين. ولا ينبغي أن تعميهم مصادرة بعض الفئات لتلك القيم باسم الدين، عن معاداة الدين على إطلاقه. د. أحمد محمد الجلي- جامعة أبوظبي