هل يحتاج الدكتور علي بن عبدالله الكعبي، وزير العمل، إلى تهديد موظفي وزارته بـ"الكارت الأحمر" -كما نقلت عنه إحدى الصحف المحلية- للتبشير بخطط تطوير الأداء في وزارته؟ وفي ظل إشهار هذا "الكارت".. هل يمكن توقّع مساندة قوية ودائمة لأي خطط تطوير للأداء يفترض أنها قائمة بالأساس على كسب عقول وقلوب العنصر البشري؟ لا يختلف اثنان على حتميّة تطوير مهارات الموظفين وضرورة السعي نحو تقديم خدمات متميزة للمراجعين ليس في وزارة العمل فقط بل في جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، وليس هناك خلاف كذلك على دعم جهود الوزارة في سعيها نحو التحوّل إلى "نموذج" يحتذى به بين الوزارات، من حيث تقديم الخدمات المميزة والسلوك الحضاري، باعتبارها وزارة حيوية تقدّم خدمات جماهيرية تتطلّب سرعة في الإنجاز ودقّة في التنفيذ، ولكن الخلاف هو في تدشين حملة التطوير بلغة التهديد والوعيد والحديث عن "كروت صفر" للمتقاعسين في السنة الأولى من خطة التطوير المقرّر تنفيذها على مدار العامين المقبلين، والتلويح بالبطاقة الحمراء في حال استمرار "الأداء النمطي الجامد" خلال العام الثاني. ترى هل يمكن أن يسعى الموظفون إلى تطوير قدراتهم والتجاوب مع خطط التدريب والتطوير بالفاعلية المنشودة في ظل وجود البطاقات الصفر والحمر؟ وهل ينسجم هذا الأسلوب مع الأنماط والأساليب الإدارية الحديثة لتحفيز الموظفين؟ وما هو الأثر النفسي الذي يمكن أن يقع على موظفي وزارة العمل ممن يقرؤون ويتابعون تهديدات الوزير لهم في الصحف بالكروت الحمراء والصفراء؟ التقاعس في العمل أمر مرفوض ولا يمكن القبول به ولا الدفاع عنه تحت أي ظرف من الظروف، ولكن تهديد هؤلاء المتقاعسين عبر صفحات الجرائد وفي المؤتمرات الصحفية قد لا يؤتي بالنتائج المرجوة، في حين أن الهدف الأساسي هو تهيئة بيئة العمل وإعداد الموظفين نفسياً ومعنوياً للتعامل مع سلوكيات إدارية جديدة يفترض أن تشتمل عليها خطط إعادة الهيكلة، وبخلاف ذلك يتحوّل المتقاعسون إلى عنصر تثبيط للهمم والمعنويات لدى زملائهم ما يؤثر بالتبعية سلباً في مجمل النتائج المتوقعة من برامج التدريب. هناك كثير من الهيئات الحكومية نجحت في تطوير أداء موظفيها من دون البطاقات الصفراء أو الحمراء وهناك نماذج إدارية ناجحة في مواقع عمل عدة تبرهن على ذلك. والطبيعي أن تنفّذ خطط تطوير الأداء وتحسين المهارات من دون التلويح بالكروت والبطاقات عبر صفحات الجرائد، خصوصاً أن الإدارة قائمة بالأساس على الاحترام المتبادل بين المؤسسة وموظفيها وأن مقاومة التغيير والتمسّك بالعادات الإدارية القائمة هي سلوك فطري لدى غالبية الموظفين في أي من مواقع العمل وليس في وزارة العمل فقط، ومهمّة المسؤولين في هذه الحالة هي "تسويق" خطط التطوير بكفاءة ونجاح ومقاومة الخوف من التغيير وبث الاطمئنان في النفوس، على اعتبار أن الخوف من التغيير والتطوير يعمل في اتجاه مضاد لخطط الإدارة. مقاومة أو رفض التغيير والتطوير الإداري أمر بديهي في كثير من الحالات، حيث يصعب على الموظف في بعض الأحيان الاعتراف بعدم امتلاك المقدرة على مجاراة الواقع التقني والإداري الجديد أو يصعب عليه الاعتراف بعدم فهم آليات العمل الجديد وتطبيقها وبالتالي يبدأ بمقاومتها سلبياً سواء عبر رفضها أو عبر التشكيك في فاعليتها، ما يؤدي إلى قدر هائل من الإحباط وفقدان الثقة في الذات وهذه أمور تحتاج إلى أدوات للتحفيز وبث الثقة في النفوس. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.