يقال إن الفيلم الذي ستنتجه هوليوود تحت اسم "ألماس الدم" والذي سيقوم ببطولته الممثل المعروف "رونالدو دي كابريو" سيسلط الضوء على الدور الذي تلعبه الصراعات المعروفة باسم "صراعات الألماس" في إذكاء نيران الحروب الأهلية في بعض أجزاء القارة الإفريقية. ففي بلدي أنجولا على سبيل المثال فإن الأموال التي تم جمعها من خلال التجارة في الألماس، هي التي أبقت نيران الحرب الأهلية فيه مشتعلة لمدة 27 عاماً ولم تنتهِ سوى منذ أربعة أعوام فقط. وعلى الرغم من أن مواقع استخراج الألماس آمنة من الناحية الفنية، إلا أن الألماس لا يزال القوة التي تقف وراء العديد من حالات العنف التي لا تقل بشاعة عما يحدث في الحروب الأهلية. فالذي يحدث في الوقت الراهن هو أن شركات الأمن الخاصة التابعة لشركات الألماس الكبرى في أنجولا تضطهد السكان المحليين وتعاملهم بوحشية بحجة الحيلولة دون انخراطهم في أعمال التنقيب غير القانونية عن الألماس.. ويطلق على مثل هؤلاء السكان محلياً اسم "جاريمبوس". وفي الوقت الراهن ينظر إلى مئات الآلاف من السكان المحليين في المناطق الغنية بالألماس والتي تعاني من البطالة باعتبارهم "جاريمبوس" لأنهم يقومون بالبحث عن الألماس على نطاق محدود في الأراضي التي كانوا يزرعونها ويعيشون عليها هم وأجدادهم لقرون طويلة، لمجرد أن تلك الأراضي قد أُعيد تعريفها على أنها امتيازات أو أراضي "حكر" للشركات الكبرى التي تقوم بالتنقيب عن الألماس. ففي المناطق الغنية بالألماس الواقعة في شمال شرق أنجولا فإن أي عمل حتى الأعمال البسيطة التي يقوم بها سكان تلك الولايات كالزراعة أو الصيد أو حتى السباحة في الأراضي المعتبرة كذلك يمكن أن يعرض من يقوم به لعقوبات قاسية من قبل شركات الأمن الخاصة. ولقد قمت بنفسي بإعداد سجل بما يزيد على 100 حالة من الحالات التي تعرض فيها المواطنون الفقراء إلى انتهاكات لحقوقهم كبشر بواسطة شركات الأمن الخاصة في "كوانجو" التي تعتبر الموقع الأكثر أهمية في التنقيب عن الألماس في مقاطعات "اللونداس" الغنية بالألماس. وشملت تلك الحالات حالات جلد بالسياط وإهانة وإذلال وانتهاكات جنسية بل وحتى اغتيالات. وكثيراً ما سجلت أيضاً حالات لتواطؤ السلطات الأنجولية الرسمية مع شركات الأمن الخاصة في تلك المناطق. ومن هذه الحالات تلك الخاصة بتورط القائد العام السابق لقوات الشرطة الأنجولية مع تلك الشركات إلى درجة أنه قد أصبح الآن شريكاً في ملكية شركة "كيه آند بي" للتنقيب وهو ما يمثل حالة صارخة من حالات تضارب المصالح الخاصة والعامة. وخلال الحرب الأهلية الأنجولية استخدم "جوناس سافيمبي" زعيم المجموعة الرئيسية للمتمردين "يونيتا" المداخيل التي كان يتحصل عليها من التجارة بالألماس في تمويل آلته الحربية، وهو ما أدى إلى قيام الأجهزة التابعة للأمم المتحدة بفرض عقوبات عليه عندما تكشف ذلك. والدور الذي تلعبه صناعة الألماس في تأجيج الحروب جعل العالم أكثر تقبلاً لمفهوم التجارة في "ألماسات الدم"، وأكثر حزماً في مواجهة تلك التجارة، وهو حزم تتم ترجمته إلى إجراءات تنظيمية تحت رعاية المشروع المعروف باسم "مشروع توثيق عملية كيمبرلي 2003" وهو مشروع تطوعي يعمل على ضمان أن تجارة الألماس لا تستخدم في تمويل الصراعات. ولكن مثل هذا المشروع ليس كافياً كما تبين من خلال تجربة الحرب الأهلية الأنجولية حيث لا يتم تطبيقه سوى على الصراعات المدنية الواضحة التي تتم بين الحكومات وبين الحركات المتمردة. وبأيدينا نحن الأنجوليين أن نغير مسار الأحداث، ولكن الدول المستهلكة للألماس مثل الولايات المتحدة لديها أيضاً دور يجب أن تلعبه في هذا المجال. فهي تستطيع مثلاً استكشاف الطرق التي يمكن بها فرض حظر على استيراد الألماس الأنجولي إلى أن يتم إدخال تغيير جذري على أوضاع صناعة وتجارة الألماس في هذا البلد. أما المشترون الغربيون للألماس فيمكنهم أن يختاروا شراء الألماس من أماكن أخرى تعبيراً عن قلقهم واحتجاجهم على ما يتعرض له الناس العاديون من انتهاكات وعنف بسبب تلك التجارة القذرة. رافائيل ماركوس ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صحفي أنجولي حاصل على "جائزة الشجاعة المدنية"، وكاتب تقرير حقوق الإنسان المعنون "ألماس الإذلال والبؤس". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"