في واشنطن عندما يتحدثون عن تغير المناخ، فإنهم عادة ما يقصدون "المناخ السياسي". لكن التغير الحقيقي في المناخ العالمي يمنح الرئيس بوش هذه المرة فرصة ثمينة لتغير سياسته حول انبعاث الغازات السامة. وهي سياسة تجعله ينقلب على مواقفه السابقة المناوئة للبيئة على غرار التغيير الذي أجراه الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريجان في مواقفه خلال ولايته الثانية عندما صافح الرئيس السوفييتي ميخائبل جورباتشوف رغم نعته لبلاده "بامبراطورية الشر". فمعروف أن إدارة الرئيس بوش أدارت ظهرها لبروتوكول "كيوتو"، الذي يطالب الدول الصناعية في العالم بخفض نسبة انبعاث الغازات المسببة للاحترار الأرضي، وذلك ضمن إطار زمني محدد تلتزم من خلاله الدول بالتقليص التدريجي لتلك الغازات السامة التي تلوث البيئة وتهدد مستقبل البشر على كوكب الأرض. غير أن بوش لم ير في البروتوكول سوى محاولة لفرض شروط "غير واقعية" لا تستند إلى أساس علمي. وقد أدى ذلك الموقف الرافض لخفض انبعاث الغازات السامة إلى تقدم خصومه السياسيين عليه بعد أن رفع "آل جور" شعار الحد من التغير المناخي. فوجد الرئيس بوش نفسه في وضع حرج مع بعض أعضاء الحزب "الجمهوري" مثل السيناتور "جون ماكين" من أريزونا, وحاكم ولاية كاليفورنيا أرنولد شوارزينيجر. والأكثر من ذلك ساهم موقفه المتصلب من قضية التغير المناخي ورفضه الاعتراف بوجوده إلى إحراجه مع أقرب حليف له وهو رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، الذي أيد نتائج دراسة أجريت مؤخرا كشفت وجود صلة بين الغازات السامة التي تنفثها المصانع وبين التغير المناخي، الذي بات يهدد العديد من مناطق العالم. وتأتي فرصة الرئيس بوش لتغيير مواقفه السابقة هذه الأيام، حيث القمة الدولية حول التغير المناخي التي بدأت يوم أمس في العاصمة الكينية نيروبي، وستشارك فيها الدول الموقعة على بروتوكول "كيوتو". وقد أعربت الإدارة الأميركية عن مشاركتها في أشغال الجلسة المتعلقة بالأعمال التطوعية، التي تبذلها البلدان الصناعية لخفض الغازات المسببة للاحترار الأرضي. لكن من ناحية أخرى أوضح مسؤولون في الإدارة الأميركية عدم مشاركتهم في جلسات المؤتمر المخصصة لمناقشة الأعمال ذات الطبيعة الإجبارية التي تفرض على الدول تقليص انبعاث الغازات واحترام المعايير المعمول بها في هذا المجال. وينظر العديد من المراقبين إلى نتائج المؤتمر بنوع من الترقب وما إذا كان الرئيس بوش، وهو يشارف على الانتهاء من ولايته الثانية والخروج من البيت الأبيض، سينضم إلى مواقف الدول المتقدمة الأخرى التي وقعت على بروتوكول كيوتو والشروع في التأسيس لإطار جديد يمهد للانتقال من استخدام الوقود الأحفوري الذي يلوث البيئة ويضر بالمناخ العالمي إلى بدائل أخرى لإنتاج الطاقة قد تجنب الأرض المصاعب التي تواجهها حالياً وتنقذ القارات من ذوبان كتل الجليد العملاقة في القطبين الشمالي والجنوبي. ومع أن أحدا لا يثق في قدرة بوش في عكس مساره وإرسال البروتوكول إلى الكونجرس للمصادقة عليه، إلا أنه لا أحد أيضا كان يعتقد بأن الرئيس ريغان سوف يمد يده يوما لتصافح يد زعيم الاتحاد السوفييتي ميخائيل جورباتشوف ـــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"