دولة الإمارات تعدّ واحدة من الدول العربية القليلة التي استطاعت كسر القيود التجارية والصناعية كافة، لتضع بذلك نفسها في مقدمة دول منطقة غرب آسيا والدول العربية جميعها، من حيث حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة التي تلقتها في العام الماضي، والتي بلغت نحو 44 مليار درهم، بحسب "تقرير الاستثمار العالمي 2006" الذي نشره الشهر الماضي، مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، وهو التقرير نفسه الذي وضع الإمارات ضمن ركب الدول الأكثر تنافسية في العالم، لتأخذ مكانة متميزة بين أكثر 20 اقتصاداً من حيث مستوى التنافسية، بفضل ما تتمتع به الدولة من قوانين مرنة ومشجعة للاستثمار، خاصة أن المناطق الحرة التي يصل عددها إلى 15 منطقة، أثبتت نجاحاً كبيراً في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية وتشجيع المستثمرين المحليين على الخوض في مشاريع جديدة بالقطاعات الاقتصادية كافة، بالإضافة إلى المزايا العديدة التي تحققها هذه المناطق للاقتصاد الوطني. وقد أعلنت شركة "أبوظبي للموانئ" مؤخراً عن عزمها بناء أكبر منطقة صناعية حرة في العالم بمساحة تبلغ نحو 100 كلم مربع بمحاذاة "ميناء الشيخ خليفة" في منطقة (الطويلة)، وتتكون من 15 مدينة صناعية تحتوي على الخدمات اللوجيستية كافة، يتوقع أن يتاح للأجانب التملك فيها بالكامل، بالإضافة إلى مزايا أخرى عديدة لمستخدمي هذه المنطقة؛ منها الإعفاءات الضريبية على واردات المواد الخام والبضائع شبه المصنّعة والآلات والأدوات، فضلاً عن حرية التصدير وإعادة التصدير. ويأتي هذا التوجّه في إطار تحركات جادة ومتسارعة لجذب مزيد من الاستثمارات العالمية من خلال أفكار جديدة متعلقة بالتنمية الصناعية، بما يسهم في تدعيم وتنويع مشروعات التنمية الاقتصادية، وإقامة المصانع الحديثة والمتطورة لمواكبة التطور الحضاري والعمراني والصناعي الذي تشهده الإمارة حالياً، وبما يخدم العمل على تنويع مصادر الاقتصاد وتشجيع الاستثمار الصناعي لتعظيم نسبته في الناتج الإجمالي. وتهدف إمارة أبوظبي من خلال التوسع في المناطق الصناعية الحرة، إلى تحقيق العديد من الأهداف، منها تقليل معوقات انتقال رؤوس الأموال، وإنشاء بعض الصناعات الرائدة التي تستهدف الأسواق الخارجية، واستقدام التكنولوجيا المتطورة، وتدريب العمالة الوطنية عليها، والاستفادة منها في تطوير الصناعة المحلية، وزيادة استفادة الإمارة من مواردها الاقتصادية وموقعها الاستراتيجي، وتنشيط حركة النقل والمواصلات المحلية، وغير ذلك من المزايا المباشرة وغير المباشرة التي تستهدفها أبوظبي من هذه المناطق. إلا أن هذه المزايا لا تعني بالطبع أن المناطق الحرة خالية من السلبيات، والتي تتفاوت حدّتها من دولة إلى أخرى، حسب مرونة أو صرامة نظم مراقبة العمل ودقة الإجراءات التي تحكم عزل هذه المناطق والسلع المنتجة فيها عن الاقتصاد المحلي. ففي ظل تراخي مثل هذه النظم، تتسع رقعة هذه السلبيات، ويزيد احتمال تسرب بعض منتجات هذه المناطق إلى داخل السوق المحلية، ما يضرّ بالإنتاج المحلي المماثل، ويهدر بعض موارده الجمركية والضريبية، ويحرم الصناعات الوطنية من الكوادر الفنية المدربة من خلال جذب هذه الكوادر للعمل بالمصانع داخل هذه المناطق لارتفاع الأجور بها، وتركيز الاستثمارات الأجنبية داخل هذه المناطق بسبب المزايا التي تقدمها، مما يحرم الاقتصاد المحلي من تدفق بعض هذه الاستثمارات إلى داخله. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية