التردد السوداني بشأن قبول قوات دولية في إقليم دارفور، والتصريحات الغربية بين وقت وآخر حول موافقة الخرطوم على خطة التدخل الدولي، ثم التكذيبات السودانية المتتالية... مؤشرات على حجم التعقد والمخاطر التي تنتظر السودان إذا ما قبل أي تنازل يمس سيادته الوطنية. لكن الطامة الكبرى في المراوغات الغربية إزاء السودان، هي أن هيئة الأمم المتحدة أصبحت جزءاً من هذه الحالة، وآخر فصل في هذا الباب، أنه إثر اجتماع أديس أبابا الأسبوع الماضي، والذي شارك فيه السودان وممثلو مجلس الأمن الدولي، إلى جانب الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، بادر مسؤولون في المنظمة الدولية إلى التصريح بأن السودان وافق على التدخل الدولي في الإقليم، ما اضطر الخرطوم إلى المسارعة بنفي ما جاء في ذلك التصريح جملة وتفصيلاً! والسؤال الذي يطرح هنا: هل ينبع حرص العواصم الغربية على سكان دارفور، من عاطفة إنسانية صادقة تجاه هؤلاء السكان؟ وكيف أصاب الكسوف عاطفتهم إزاء الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني على أيدي الإسرائيليين، بآلة قتل أميركية، وبحماية سياسية أميركية كاملة؟ وهل أدى "التدخل" الأميركي في العراق، لـ"حماية" شعبه من نظام صدام حسين، وفي أفغانستان، لـ"حماية" شعبها أيضاً من نظام "طالبان"... إلى الحفاظ على حياة الناس هناك؟ أخشى أن يقوض التدخل الدولي سيادة السودان، وأن يضاعف المخاطر على حياة الناس في دارفور، بدل كل ما يدعيه من نوايا وذرائع، وما يصطنعه من مآسٍ وأهوال هناك! حجازي عبدالحق- القاهرة