أختلف مع بعض ما جاء في مقال الدكتور أحمد البغدادي المنشور في "وجهات نظر" يوم الثلاثاء الماضي تحت عنوان: "لماذا فشلت الليبرالية عند العرب؟"، وسبب اختلافي الرئيسي معه، هو أنه انطلق من مُسلَّمة مؤداها أن الليبرالية فشلت عند العرب، وأن هذه حقيقة لا جدال فيها، ومن ثم راح الكاتب يبحث عن أسباب هذا الفشل. وأنا أختلف معه لأنني أرى أن الليبرالية لم تفشل عند العرب، وإنما هنالك تجارب ليبرالية عربية كثيرة، وناجحة، كما أن هنالك تنظيراً عربياً في هذا المجال. ولو تأمل الكاتب الجهد التحديثي الذي تقوم به القوى الليبرالية العربية لوجد أنها حاضرة بدرجات قوة تختلف من بلد عربي إلى آخر. ولكنها ليست غائبة حتى في أكثر المجتمعات العربية تقليدية، وتحفظاً على كل فكرة جديدة. أما إذا كان قصد الكاتب أن الليبرالية فشلت عند العرب على مستوى الممارسة، فما يمكن التنبيه إليه هنا قبل غيره هو أن الليبرالية رؤية فلسفية سياسية عامة يمكن أن يختلف الناس في تأويل معناها وفي تحديد أنسب طريقة لتطبيقها على أرض الواقع. وليست الليبرالية أبداً نصاً "مُقدساً" له معنى واحد وتطبيق واحد، وكل من لم يتماشَ مع ذلك "النص" يعتبر فاشلاً و"ساقطاً" في الدرس الليبرالي. إن هذه الرؤية الاختزالية لمعنى ولتطبيق الليبرالية ليست ليبرالية في حد ذاتها، بل لعلها تتنافى مع روح الليبرالية. متوكل بوزيان - أبوظبي