هذا العنوان ليس ترويجياً لتلك الدولة الآسيوية الأسطورية في نجاحها، إنما هو عنوان لترويج سياحي، تعلنه غالبية الدول ذات الأهداف السياحية الاستثمارية المتنوعة. ولنقارن بينها وبين ترويجنا لدولتنا: "تعالوا عيشوا، الإمارات حيث الرفاهية والأمان والأموال... وكل ما يمكن لخدمتكم" انتهى العرض الترويجي. هذه المقارنة جاءت نتيجة هذا الغضب العارم على صحيفة "سفن ديز"، حيث تطاولت على دولة الإمارات، وتقولت بما لا يُقال، فكل ما يكتب تناول الظاهرة وترك الحقيقة والجذور التي تستلزم بتراً سريعاً، قبل أن تحل الكارثة التي أطلت برأسها وأينعت دون أن تخشى القطاف. فالعاملون في هذه الصحيفة وقارئوها أجانب، يعيشون في إقطاعيات خاصة بهم، يتعاملون مع أجانب يخدمهم أجانب، ويتحدثون بكل لغات الدنيا إلا لغة هذا البلد، فماذا ننتظر منهم؟ الحب والاحترام؟ كيف وهم لا يعرفون عنا غير أننا أشباح قلة في مدن اكتظت بالعالم بأسره، وخلت من أهلها؛ فلا هم تعلموا لغتنا ولا عرفوا عاداتنا، ولا حتى اهتموا بأن تكون لهم علاقة بهؤلاء الذين يشكلون أقلية لعددهم الضئيل. ما سيحدث، أو ما حدث بالفعل، أن عاش هؤلاء في الدولة وهم يطالبوننا بأن نضمن لهم وظيفة وتأميناً صحياً وإقامة أبدية ومستقبلاً آمناً ومضموناً لأطفالهم... وكلها مطالب مُحققة على أطباق من ذهب، وعليه فإنهم سيفعلون ويتطاولون علينا وعلى قيمنا وأصالتنا وأخلاقنا. بل انسحب الأمر إلى جانب معاكس لأننا صرنا مطالبين باعتذار وبتحسين صورتنا المتوحشة وبالتبرير، بأننا لا نفهم حقوقهم كما يجب. صرنا الأضعف لأننا ببساطة لم نتجاوز ربع الربع من مجمل التعداد السكاني. تجاوز عدد سكان الدولة أربعة ملايين، من هم هؤلاء الملايين؟ وكيف سنتعايش معهم وضمن أي إطار؟ هل نستعير تجربة بريطانيا الفاشلة في التعددية الثقافية، أم نستعير الفكرة الفرنسية في الانصهار التي يناهضها الفرنسيون اليوم، لأن عدد الأجانب تجاوز خمسة عشر في المئة؟ في سويسرا تقوم اليوم قائمة الناس، لأن الأجانب تجاوز عددهم عشرة في المئة من مجمل عدد السكان، ونحن ينقرض المواطن لأسباب عديدة هزيلة وتدعو للنحيب، ولأننا نستدعي كل غثاء الكون ليكون لهم شرف العيش هنا لأجل استثمار لا نحتاجه، وزحام قوض كل فرص الحياة الهانئة، زحام حجب عنا ضوء النهار وشكل السماء الصحراوي البريء. ما هو تحديداً مبرر إعطائهم إقامات دائمة؟ ها هي تباشير الثاني من ديسمبر تلوح، والحلم بوطن صافٍ لا يغادر أجفاننا، فقد صدق هذا الوطن وعده، ولم نصدق نحن حين قلنا نحبك حتى آخر قطرة دم، لأننا إلى اليوم لم نحبه كما يجب، لو كنا فعلنا لما تكالب علينا هذا الغثاء، ولما صرنا في موقف المدافع وكأننا الأغراب وهم أهل الدار! عامك سعيد أيها الوطن! لعلّ عامنا يكون كذلك ونغلق هذا الباب إلى الأبد.