إثر تأهّل المنتخب الوطني للمباراة النهائية لبطولة الخليج الثامنة عشرة، خرج الآلاف يجوبون شوارع العاصمة أبوظبي حتى الصباح احتفالاً بهذا الإنجاز الكبير، وتجاوز المنتخب السعودي الشقيق، في مباراة تاريخية مثيرة كانت تحتل كل مساحات التفكير في عقول الجماهير، لأنها تدرك جيداً مدى صعوبة المهمّة في مواجهة "الأخضر" السعودي الذي لم يتخلّف عن نهائيات كأس العالم في آخر أربع بطولات، والحائز على الكأس الخليجية ثلاث مرات. لقد كانت جماهير الإمارات بحق بطل "خليجي 18"، حيث سجل الحضور رقماً قياسياً لم يسبق أن تحقق في دورة سابقة، وهي منذ انطلاق البطولة ظلت تعيش الحدث والحلم معاً، وتتوافد إلى العاصمة أبوظبي من أقصى بقاع الدولة وتقطع مئات الأميال وقبل خمس ساعات من بداية اللقاء لتحجز مقاعدها مبكراً على المدرجات، بينما تتزيّن السيارات والوجوه بألوان العلم، في مشهد بديع يعكس عمق الولاء والانتماء لهذا الوطن. إن الجماهير التي لم تتخلّف لحظة واحدة عن مساندة منتخبها الوطني حتى في أصعب المواقف، حيث كان لهم دور بارز في تأهّل "الأبيض" إلى النهائي، على موعد اليوم في أبوظبي لتقديم كل المساندة والدعم لمنتخب بلادها وهي ترى أنها على بعد خطوة واحدة من الحلم الخليجي، حيث سيكون أبرز ما في وسط المدينة الرياضية اليوم كأس البطولة التي يضفي لمعانها مزيداً من الحماس لكل من سيكون حاضراً في أرض الملعب، لاعباً كان أو مشجعاً. من المؤكد أن أعداد الجماهير ستتضاعف في مباراة اليوم وكلها ثقة في المنتخب الوطني الذي عوّدنا دائماً على أن تكون له الكلمة الحاسمة في المواقع المصيرية، خاصة بعد الانتصار الأخير والمثير، الذي رسم مزيداً من الثقة في نيل لقب هذه البطولة، كما أن مباراة اليوم ليست نهائية فحسب، بل هي ثأرية أيضاً، حيث شاءت الأقدار أن يتقابل "الأبيض" الإماراتي و"الأحمر" العماني مجدّداً في لقاء الختام، بعد أن انتهى لقاء الافتتاح عمانياً. إن الجماهير في دولة الإمارات لا تختلف عن مثيلاتها في بقاع العالم الأخرى، حيث التعبير عن مشاعر الفرح بالفوز في ميدان اللعبة الشعبية الأولى لا تحدّه حدود. فبقدر ما يتوق الشعب الإماراتي اليوم إلى تحقيق الحلم الرياضي الكبير، فإن هناك استنفاراً لدى المسؤولين في دوائر المرور في أبوظبي، حيث تراودهم مخاوف الاختناقات المرورية والمخالفات والتجاوزات التي تنجم دائماً عن "مواكب الفرح" في المناسبات الرياضية، حيث خرجت إثر الانتصار الأخير ما يقارب من 15 ألف سيارة وهي في كامل زينتها، وهي تجوب شوارع أبوظبي متسبّبة في كثير من الازدحام المروري والعديد من المخالفات، كتجاوز الإشارات الحمر، وقيادة السيارة في عكس اتجاه خط السير، والقيادة بتهور، والخروج من نوافذ السيارات وهي مسرعة، وإغلاق المسارات على الآخرين، وإطلاق الأبواق، وتغطية زجاج السيارات ولوحات الأرقام بالأعلام والشعارات، وغير ذلك من المخالفات التي كانت سبباً مباشراً في وقوع حوادث مؤلمة راح ضحيتها عدد من الأبرياء. لا أحد بالطبع يمنع الجماهير من التعبير عن فرحتها ومشاعرها، بل هو مطلب أساسي تعبّر الجماهير من خلاله عن مشاعر الحب الحقيقي والكبير لهذا الوطن، ولكن يجب أن يكون كل ذلك بأسلوب منظم وحضاري، ومن خلال الالتزام الكامل بالقوانين والنظم، إذ إن مناسبات الفرح القومية أياً كان طابعها وحجمها فهي لا تبيح خرق القوانين. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية