ساد مفهوم القوة والعنف لعقود خلت كأسلوب لتسيير شؤون الحكم في العراق بهدف إحكام السيطرة على مفاصل السلطة انطلاقاً من قناعة نظام الحكم آنذاك أن القوة هي الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل· فيما غيبت أي وسائل أخرى يمكن أن تساعد في زرع القناعة عند المواطن أو في حل مشاكله، حيث استخدم منطق يعتمد على أن إعادة الناس إلى رشدهم ليكونوا مروضين ضمن "مسيرة الثورة المجيدة"، تقوم أساساً على التخويف والإرهاب·
توالت الهزات واحدة إثر الأخرى سواء بالحرب مع إيران، ثم غزو الكويت، وما تلاه من فرض للحصار والمقاطعة الدولية··· حتى سقوط النظام والإمساك برأسه·
وهنا تبرز الحاجة إلى الإجابة على سؤال كبير ومهم في آن واحد وهو: كيف يمكن أن يتصالح المواطن العراقي مع نفسه ثم مع الوطن؟
إن المتابع للشأن العراقي يلاحظ وجود حالة من التمزق والتمرد وتغيير الولاءات في نفس الفرد العادي، وكلها عوامل نتجت فيما نتجت عن حالة عدم التوازن السائدة ولفترة ليست بالقصيرة، ولتطفو على السطح في ظل الوضع السياسي الجديد ملامح من الفرقة والخصومة والتنازع على أبسط الثوابت· ذلك يتطلب ضمن الحد الأدنى أن يرتفع الصوت مقروناً بالفعل من رجال السياسة عامة والمثقفين ورجال الدين على وجه الخصوص لتهدئة النفوس والترديد المستمرة لفكرة جوهرية بهدف زرعها في القلوب والعقول معاً ألا وهي أنه مهما تعددت الأجزاء التي يتكون منها العراق فهنالك مجال واسع للتجمع والتآلف معاً··· بمعنى آخر إن التنوع والتباين الموجود سابقاً وحالياً وسيظل مستقبلاً سواء من الناحية القومية أو الدينية أو المذهبية حالة صحية، لا تمنع أن يكون الوطن العراقي موحداً·
عمر عبد الكريم فرمان - الأردن