هل حاولت مرارا وتكرارا أن تخفض وزنك لينتهي بك الأمر إلى الإخفاق، أو حتى إلى اكتساب المزيد من الوزن؟ إذا كنت كذلك، فأنت إذاً واحد من الذين شغل موضوع تخفيض الوزن اهتمامهم لما يزيد على قرن كامل من الزمان. لقد قرأ العديد منا عدداً من برامج ووصفات التخسيس التي انتشرت في فترات مختلفة، ثم توارت في النسيان ليأتي غيرها، أو لتعود هي ذاتها مجددا تحت أسماء وعناوين ومؤلفين مختلفين. فأنت تجد من يقول لك إن الطريقة المثلى لتنزيل الوزن، هي أن تعتمد على نظام غذائي يقوم على تناول مزيج من ثمار البابايا، والكمثرى، والبطيخ بنسب معينة أو بترتيب معين. وفي وقت آخر يظهر مؤلف أو حتى أخصائي تغذية ليقول لك إن السر كله يكمن في شراب خل التفاح الذي يعتبر المعجزة التي قدمتها الطبيعة لإحراق الدهون. أو تجد كتابا آخر يقول لك إنه يمكنك أن تملأ صحنك باللحوم، ولكنك يجب أن تتجنب الخبز، وتقلل من الدهون، وتتناول حساء الملفوف. وبرنامج رابع يقول لك دعك من كل هذا إذ يجب عليك أن تختار نظاما غذائيا يتفق مع تكوين دمك أو حتى مع برجك الفلكي. وكما قلنا فإن هذه الكتب و البرامج تظهر لفترة معينة، ثم تختفي، لتعاود الظهور مرات أخرى عديدة، مع إجراء تعديلات بسيطة أو إدخال بعض الزخرفة عليها كي تبدو جديدة تماما. وعلى رغم أن الكثيرين يعرفون أن تلك البرامج الغذائية أو الكتب ما هي إلا إعادة إنتاج للقديم، فإنهم يقبلون عليها في كل مرة مثلما يفعلون مع موضة الملابس.
الحمية الغذائية الأكثر شهرة حاليا -على رغم أنها ليست جديدة تماما- هي تلك التي تعرف باسم حمية أتكينز Atkins Diet . تعتمد هذه الحمية على تناول أطعمة ذات محتوى بروتيني عالٍ، مع تجنب الجمع بين البروتينيات والكاربوهيدرات في وجبة واحدة. وهي تنصح بتناول الشمام بمفرده أي كوجبة كاملة وتناول أضلاع الضأن مع الكمثري بسبب قدرتها على حرق الدهون.
على هذا النحو يمضي الأمر، ولكن لا شيء يتحقق، بل إننا نلاحظ أن نسبة الأشخاص الذين يعانون من السمنة في تزايد مستمر. هذا ما تقوله >جانيت بوليفي< أستاذة الطب النفسي بجامعة تورنتو، في كندا.. التي تتذكر بأسف كيف كانت تقوم هي نفسها أثناء فترة مراهقتها بالاعتماد في طعامها على حمية تقوم على تناول العنب والبيض المسلوق جيدا فقط بعد أن قرأت في أحد الكتب أن هذه الحمية هي الطريقة المثلى لتخفيض الوزن خلال فترة قصيرة. وتقول >بوليفي< أيضا إن العلماء قد بدؤوا في الآونة الأخيرة في إجراء تجارب جادة للتوصل إلى أنظمة غذائية مفيدة بدلا من هذا الكم الهائل من الأنظمة التي تحفل بها الكتب في الوقت الحالي ولا يحقق أي منها نتائج ملموسة. وهي تقول إن الأنظمة الغذائية التي تعتمد على الكاربوهيدرات المخفضة وعلى محتوى بروتيني عالٍ، تنال جزءا كبيرا من اهتمام علماء التغذية، بالإضافة طبعا إلى تلك الأنظمة التي تقوم على تقليل نسبة الدهون في الطعام. وقد أصبحت الحاجة إلى معرفة النظام الغذائي السليم والمناسب أكثر إلحاحا في الوقت الراهن بسبب تزايد نسبة البدانة في المجتمعات إلى حد كبير، و ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السكري، الذي لم يعد ظهوره يقتصر على البالغين فقط، بل بدأ ينتشر في أوساط الأطفال كذلك. وليس هناك سر وراء البدانة التي يعاني منها الأميركيون وغيرهم. وفيما يلي بعض الأسباب العملية لذلك.
السبب الأول هو الأطعمة الجاهزة ذات السعرات الحرارية العالية بشكل يفوق ما هو موجود في أي مجتمع آخر. والسبب الثاني، هو صعوبة اتباع نظام غذائي صارم أو الاستمرار فيه. والسبب الثالث أن مقاومة زيادة الوزن، أو تجنب اكتساب وزن زائد أصعب من الحفاظ على الوزن، أو إنقاصه. لهذه الأسباب، وغيرها فإن كل كتاب جديد لتخفيض الوزن يمثل إغراء لا يقاوم بالنسبة لأي أميركي. لذلك يجب على السلطات أن تتوصل إلى وسيلة يمكنها بها تقليص عدد الكتب التجارية غير الجادة الخاصة بموضوع تخفيض الوزن والتي تستغل رغبة القراء الذين يسعون إلى التخلص من المعاناة التي تسببها لهم زيادة أوزانهم.
في معرض تعليقه على هذه النقطة تحديدا يقول >جيمس هيل<، مدير إدارة التغذية البشرية في جامعة كلورادو: إن ما يحدث هو أن الناس مصمِّمون على خداع أنفسهم بالقول كل مرة: ها هو البرنامج الغذائي الكفيل بحل مشكلاتنا. وذلك قبل أن يتضح لهم بعد ذلك أن هذا البرنامج لم يحقق شيئا. لدينا الآن مثلا ما يعرف بحمية >أتكينز< أو حمية >الشاطئ الجنوبي<.. وكل شخص تقابله يقول لك: لقد أصبحنا أخيرا قادرين على حل مشكلة زيادة الوزن لدينا بفضل هذه البرامج الجديدة.
من ناحيتي لا أعتقد أن الأمر كذلك. وسوف يتضح للناس بعد فترة من الوقت أن حمية >أتكينز< أو >حمية الشاطئ الجنوبي< لم تحقق شيئا أكثر مما حققته حمية >الجريب فروت<·
بعض العلماء يرون أنه ليست هناك طريقة ثابتة أو موحدة يمكن تطبيقها على الجميع لإنقاص أوزانهم، وأن النجاح في تخفيض الوزن يعتمد على قيام الفرد نفسه ،بانتقاء البرنامج الغذائي الذي يستطيع الاستمرار عليه لفترة طويلة د