هذه الـ"يجب" التي لن تكون
انتهت القمة العربية التاسعة عشرة بزخم إعلامي صاخب وكأنهم حرروا فلسطين من الاحتلال الصهيوني. وجدد القادة العرب تمسكهم بالمبادرة العربية للسلام مع العدو الصهيوني. هذه المبادرة التي لا تقبل المراجعة أو التغيير! ثم أخذت التصريحات غير المنطقية تتساقط من هنا وهناك بأنه "يجب" على إسرائيل أن تقبل المبادرة العربية!! وكانت النتيجة أن رفضت إسرائيل المبادرة من أساسها. ومن يقرأ تصريحات الزعماء الفلسطينيين الذين لا يزالون يصدقون تصريحات القادة العرب, ينطبق عليه المثل الشعبي الفلسطيني: "مجنون يحكي.. عاقل يسمع"!! ومن الواضح أن القادة العرب ومعهم شعوبهم لم يستوعبوا إلى الآن حقائق الواقع الذي يفرض عليهم نفسه والمتمثل في التالي:
1- أن إسرائيل دولة قوية وليست نمراً من ورق وقادرة على ضرب أي بلد عربي.
2- أن الدول العربية بكل ما تملكه من جيوش وأسلحة مستوردة لا تملك أدنى قدرة على مواجهة إسرائيل عسكرياً.
3- أن واقع التعليم والاقتصاد والسياسة وحقوق الإنسان في إسرائيل أفضل مليون مرة مما هو متوفر في العالم العربي.
4- أن أي مبادرة أو اتفاقية لا يمكن أن تتم بين أطراف لا يعترف بعضها ببعض. ولذلك أتمنى سؤال القادة العرب: كيف تعرضون مبادرة سلام عربي على طرف صهيوني لا تعترفون بوجوده القانوني والدولي؟
ويترتب على العناصر المذكورة أعلاه, أن الـ"يجب" التي طرحها الفلسطينيون العاجزون حتى عن تحصيل الأموال الآتية إليهم من الخارج إلا بموافقة إسرائيلية! ليس لها سند من الواقع, ولسبب بسيط: أنه لا توجد قوة على سطح الأرض تستطيع إجبار إسرائيل على القبول بالمبادرة العربية الصادرة عن طرف واحد، وهم العرب، وليته كان طرفاً قوياً, لقلنا أن الطرح يستند إلى القوة, أياً كان نوعها. لكن أن يطرح العرب مبادرة سلام على إسرائيل ويريدوا فرضها فرضاً, فهذا عين الخطل والزلل وقلة الفهم للواقع السياسي, الذي أجزم أن القادة العرب يعرفونه تماماً.
وتأسيساً على ما سبق ذكره لن يكتب للمبادرة العربية أي نجاح. وتبين من ردود الفعل الغربية, وخاصة الاتحاد الأوروبي، أن المبادرة العربية ليست مقبولة, بدليل أنه لم يتم الترحيب بها دولياً. وللأسف أن القادة العرب لا يريدون الاعتراف بقصور منهجهم السياسي في التعامل مع العدو الصهيوني كما يسمونه. فالواقع الذي يفرض نفسه عليهم في واد, وهم يحدثون أنفسهم في واد آخر. ولذلك ستبقى الأمور تراوح في مكانها بالنسبة للفلسطينيين الذين لم يفهموا إلى الآن مدى....