أقوم منذ فترة من الوقت بتعلم اللغة الأسبانية، وقد أعطتني تلك التجربة إحساساً بمدى صعوبة تعلم لغة جديدة. وليس هناك شك في أنني إذا ما كنت أعيش في بلد يتحدث الأسبانية، فإنني لا بد أن أدرس وأعمل وأتسوق بالأسبانية في نفس الوقت، وهذا يعني أن التحدي الذي يواجهني سيكون أعظم. وعلى الرغم ذلك، فإن الجوائز أو الفوائد ستكون هي الأخرى أعظم أيضاً، لأن تعلم لغة دولة ما يفتح أبواباً عديدة للفرص للحياة والعمل في تلك الدولة. وفي الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن اللغة الإنجليزية ليست هي اللغة الوحيدة التي يستخدمها الناس- حيث توجد لدينا لغات أخرى تتحدثها قطاعات أخرى من السكان- فإن الأمر الذي لا شك فيه أن اللغة الإنجليزية تظل شرطاً ضروريا للنجاح الاقتصادي والترقي الاجتماعي في أميركا. ما هو أكثر من ذلك أن اللغة الإنجليزية هي كذلك لغة وحدتنا الوطنية ولغة خطابنا السياسي. وعلى الرغم من أن الفرص في أميركا متاحة لجميع المولودين في الولايات المتحدة، كما أنها متاحة أيضاً أمام جميع الأميركيين الجدد أي المهاجرين القادمين من دول أخرى، فإن كل ذلك يظل مجرد كلام نظري إذا لم نقم بتشجيع الأميركيين الجدد على تعلم اللغة الإنجليزية. ومن بين الطرق التي يمكن لنا أن ننجز بها ذلك في أسرع وقت ممكن أن نقوم باستبدال جميع البرامج التعليمية القائمة على استخدام لغتين في مدارسنا العمومية، ببرامج أخرى تعتمد على الدراسة المكثفة للغة الإنجليزية فقط، مع القيام في نفس الوقت بإلغاء كافة القوانين التي تسمح بالتصويت أو ملء الوثائق والمستندات الرسمية بلغات متعددة كذلك. والمشكلة في الولايات المتحدة أن الكثير من الأميركيين الجدد الذين يتحدثون لغة أخرى غير الإنجليزية يبدون نوعاً من الحساسية عندما يتعلق الأمر باللغة الإنجليزية. لتوضيح هذه النقطة يكفي أن نعرف أن هناك 31 مليون متحدث باللغة الأسبانية في الولايات المتحدة، وأن هناك أيضاً ملايين آخرين من الحاصلين على الجنسية الأميركية ممن تكون لغتهم الأولى هي الفيتنامية أو الكورية أو الصينية أو الهندية أو الفارسية أو غيرها من اللغات. وهؤلاء الأميركيون الجدد يعتزون- لأسباب عاطفية – بلغتهم أيما اعتزاز وهو أمر مفهوم ولا غبار عليه. غير أن المهم بالنسبة لنا ألا نسمح للعاطفة بأن تتحكم في المناقشة العامة في مجتمعنا. أقول ذلك لأن الكثيرين من الأميركيين الجدد يفسرون ما يُقال عن أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الموحِدة (بكسر الحاء) للأميركيين على أنه إشارة على عدم الترحيب بالمهاجرين الجدد وعدم احترامهم. ليس هذا فحسب بل إن الدعوة لجعل الإنجليزية هي اللغة "الأولى" في البلاد، غالباً ما يتم تفسيرها من قبل الأميركيين الجدد على أنها دعوة لأن تكون اللغة الإنجليزية هي اللغة "الوحيدة". هذا الفهم غير صحيح ...لماذا؟ لأن الداعين لأن تكون اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى يقصدون أن تكون اللغة الإنجليزية هي اللغة المعتمدة في كافة المعاملات الحكومية، أما اللغات الأخرى الخاصة، فإنه لا مانع في استخدامها داخل كل جالية أو حتى في عمليات البيع والشراء والتسوق. من ذلك نرى أن الدعوة لإعطاء الأولوية للغة الإنجليزية، لا يجب أبداً أن تفهم على أنها دعوى تنطوي على عدم ترحيب أو عدم احترام للأميركيين الجدد. ليس هذا فحسب بل إن العكس تماماً هو الصحيح، لأن دعم تعليم اللغة الإنجليزية للمهاجرين من قبل الحكومة الأميركية، يظهر مدى ثقة تلك الحكومة في قدرتهم على استيعابها، ومن ثم مشاركتهم الفاعلة هم وأسرهم في مجتمعات دولتهم الجديدة وكذلك قدرتهم على تحقيق حلم السعادة الذي جاءوا من أجله. يجب علينا في إطار الجهود الرامية لتحقيق إصلاح شامل في مجال الهجرة، أن نعمل على التأكد من أن هناك فرصة متاحة أمام جميع المهاجرين الجدد إلى الولايات المتحدة لتعلم اللغة الإنجليزية، وأن نقوم بإزالة كافة العوائق التي تحول دون ذلك. ما لا يقل عن ذلك أهمية هو أننا يجب أن نعمل على إلغاء كافة القوانين الفيدرالية، التي تنص على أنه يجوز طبع أوراق الاقتراع والوثائق الحكومية بعدة لغات، لأن هذه الطريقة تجعل المهاجرين الجدد غير مهتمين بتعلم اللغة الإنجليزية، أو على الأقل غير مهتمين بتعلمها بالسرعة الواجبة، وهو ما يعني أنه بدلاً من أن تقوم تلك القوانين بتوسيع نطاق الفرص المتاحة، فإنها تحد منها. ويجب علينا في جميع الأحوال ألا نسمح بأن تغيب عن أبصارنا تلك الحقائق الراسخة التي كنا نؤمن بها عند تأسيس أميركا وهي: أننا جميعا قد خلقنا متساويين من يوم مولدنا- مواطنين أو غير مواطنين على حد سواء- وأن الخالق قد أنعم علينا جميعاً بحقوق معينة غير قابلة للتنازل، من بينها الحق في الحياة والحرية والسعي لتحقيق السعادة. وإذا ما أردنا المحافظة على تلك الحقائق، فإننا يجب أن نعرف أن المهاجرين الجدد يستحقون احترامنا، وأن هذا الاحترام حق لهم، وليس منة أو تفضلاً منا عليهم، وأن نعرف كذلك أنهم يستحقون أيضاً أن نتيح لهم فرص البحث عن السعادة من خلال مساعدتهم على تعلم اللغة الإنجليزية. أما أنا، فسوف أواصل تعلمي للغة الأسبانية.. صحيح أنها صعبة ولكني مع ذلك أحقق تقدما فيها poco a poco أي شيئاً شيئاً. نيويت جينرجريتش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ رئيس مجلس النواب خلال الفترة من 1995- 1999 وزميل أول بمعهد "أميركان إنتربرايز" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"