تحت عنوان "دارفور المنسية: ثمن الدم وضريبة الصمت!"، نشرت "وجهات نظر" يوم أمس الأربعاء مقالاً للكاتب الأميركي "نيكولاس كريستوف"، وفي رأيي أن الكاتب، كغيره من الساسة والمراقبين الأميركيين، يطلق الأحكام والمسميات دون دراية ودراسة حقيقية ومعمقة للمشكلة القائمة في دارفور. فهو يذكر أن "زعيم الجنجويد أطلق رجاله ليمارسوا القتل الوحشي ضد قبيلة الزغاوة الأفريقية"، ويتهم الحكومة السودانية بتسليح "مليشيات غير نظامية ومنحها تفويضاً بإبادة المدنيين". إن هذا الفهم للمشكل السوداني في دارفور لن يؤدي إلى الحل. وتصوير الرئيس البشير والحكومة السودانية كأنهم مجرمون جلسوا ليدبّروا مكيدة أو جريمة للتخلص من قبيلة بعينها في دارفور وتسليح المليشيات لإبادة عرق أو قبيلة معينة، هو فهم خاطيء وسطحي أرادات بعض الجهات الدولية أن ترسخه في أذهان الشعب الأميركي والشعوب الأوروبية بغرض الدفع بتدويل المشكلة ونيل مآرب محددة من وراء التدخل الدولي بالمنطقة. كان يجب على كاتب المقال أن يعود إلى جذور المشكلة القبلية القائمة في المنطقة، وأسباب النزاعات القبلية الموجودة منذ عشرات السنين لأسباب تتعلق بمراعي الماشية والنفوذ على الأرض، ثم جاء عليها النهب المسلح في السنوات الأخيرة لأسباب اقتصادية في المقام الأول. ثم تطورت النزاعات بعد أن استغلتها بعض الأطراف المحلية لصنع مطالب سياسية لأهل المنطقة. وذلك بالتأكيد من حقهم، وإن عن طريق حمل السلاح إذا لم تتجاوب السلطات مع مطالبهم. لكن الإصرار على حمل السلاح بالرغم من فتح العديد من الأبواب للتفاوض، سواء خارج السودان أو داخله، وإطلاق النار على القوات الحكومية والقرى التي يسكنها أُناس من عرقيات معينة، ثم البكاء أمام كاميرات الإعلام الدولي وطلب التدخل الدولي للحماية، فذلك ليس من العدل في شيء. مصباح الفاتح المصباح- أبوظبي