عقد "عاموس أوز"، الكاتب الإسرائيلي، مقابلة مع شارون في جريدة "دافار" في 17 ديسمبر 1982 تحت عنوان "الناعم والدقيق"، وحينما نشرت على الشبكة العنكبوتية كان العنوان هو "المانفستو اليهودي". ثم أعاد الكاتب نشر المقابلة في كتاب بعنوان "أرض إسرائيل" (عام 1983). وما جاء في الحوار لا يبين عقلية شارون وحسب وإنما العقلية الصهيونية، وما يدور داخلها. ولأن شارون يتكلم بصراحة، فإنها تكشف عن كل المسكوت عنه، والذي إن تم التصريح به، لا يجد طريقة إلى الإعلام، وسنورد كلمات شارون كما هي، وإذا احتاج الأمر إلى توضيح أو تعليق فسنضعهما بين أقواس كبيرة. يقول شارون: "لك مطلق الحرية في أن تطلق على إسرائيل أي اسم كما تشاء، حتى وإن كان "الدولة اليهودية النازية"، ولمَ لا؟ "فأن أكون يهودياً نازياً على قيد الحياة أفضل بكثير من أن أكون قديساً وافته المنية. أنا لا أسعى إلى نيل استحسان أو إعجاب الأغيار، فأنا لست بحاجة إلى حبهم. كما أنني لست بحاجة إلى الحب الذي يمكن أن يكنه لي اليهود من أمثالك (أي اليهود الذين ينادون بالسلام والتعايش مع الآخر). لابد أن أعيش وقد عزمت على أن أضمن البقاء أيضاً لأبنائي. سوف نحيا سواء قام البابا والقادة الدينون الآخرون بمباركة ذلك أم لا في جريدة "نيويورك تايمز". فأنا سأدمر كل من تسول له نفسه بأن يرفع يده على أبنائي، سأدمره هو وأولاده، ولن أفرق ساعتها بين كونه مسيحياً أو مسلماً أو يهودياً أو وثنياً". "لقد علمنا التاريخ أن من لا يقتل سوف يقتله الآخرون. هذا قانون صارم. (أي أن رؤية شارون ليست رؤية يهودية، بل رؤية علمانية داروينية شرسة) فلو أنك استخدمت كافة الوسائل الرياضية والإحصائية وبرهنت لي على أن الحرب على لبنان 1982 ما هي إلا حرب قذرة ولا أخلاقية، فلن أبالي بما تقول. حتى لو أقنعتني بأننا لم ولن نحقق شيئاً في لبنان وأننا أخفقنا في خلق نظام صديق في لبنان، وأننا فشلنا في القضاء على السوريين أو حتى منظمة التحرير الفلسطينية، فلن أبالي بما تقول. وحتى لو قصفت الجليل بصواريخ الكاتيوشا على مدار العام، فلن أبالي. سوف نشن حرباً أخرى، ونقتل وندمر أكثر وأكثر حتى يقولون كفي!" (إن شارون يدعي أنه لا يتعلم من هزائمه، وأنه مصرٌّ على القتل والقتال، وهذا أمر مخالف تماماً للواقع، فمن الواضح أنه قد تعلم الكثير من هزائمه على يد المقاومة الفلسطينية فانسحب من غزة وهدم ما فيها من مستوطنات، بناءً على توصية من المؤسسة العسكرية، وهو لم ينسحب لأنه رأى النور فجأة، وإنما لأنه ذاق مرارة الهزيمة وأدرك معناها). "دعني أهنئ نفسي بأن أهم شيء وأجمل ثمرة لحرب لبنان هي أنهم لا يكرهون إسرائيل وحدها، بل أصبحوا يكرهون أيضاً هؤلاء اليهود المتحضرين في باريس ولندن ونيويورك وفرانكفورت ومونتريال وذلك بفضل ما بذلناه. لقد باتوا يكرهون هؤلاء اليهود الحمقى Yids الظرفاء الأبرياء المحترمين الذين يرونهم مختلفين عنا، ويرون أنهم ليسوا مثل الإسرائيليين الملوثة أيديهم بالدماء، تماماً مثل هؤلاء اليهود الذين انصهروا في المجتمعات الغربية في فيينا وبرلين الذين كانوا يتوسلون للمعادين للسامية بألا يخلطوا بينهم وبين يهود شرق أوروبا الذين تسللوا إلى أوروبا وجاءوا من بيئة ثقافية لا تتجاوز الجيتوات القذرة في أوكرانيا وبولندا. (يعبر شارون عن عمق احتقاره ليهود الدياسبورا، أي يهود العالم. ولذا يستخدم كلمة Yids والكلمة تعني "يهودي"، لكن في صيغة تحقير، فاليهودي هو اليهودي الضعيف الذي يقبل الإهانة). لكن هيهات هيهات، لن يجدي نداؤهم ولا صراخهم. دعهم يولولون ويدينون إسرائيل، دعهم يصيحون ويقولون إنهم لا يريدون أن يقتلوا أو يؤذوا حتى ولو ذبابة، وأنهم يفضلون أن يذبحوا على أن يحاربوا، دعهم يعلّمون الأغيار كيف يكونون مسيحيين أتقياء بإدارة الخد الأيسر بعد صفعهم على خدهم الأيمن. ولكن هذا لن يجدي بسببنا (أي بسبب سلوكنا الوحشي)، وهذا مصدر سعادة بالغة لنا. (أي أن كره العالم لليهود الذي سيؤدي إلى اضطهادهم وطردهم يصب في الخندق الصهيوني. وكل هذا يدل على ما أبيِّنه دائماً، أن الصهيونية ليست نابعة من حب اليهود، وإنما من محاولة تخليص أوروبا من فائضها البشري اليهودي). "هذه السذاجة هي نفسها التي جعلتهم يقنعون الأغيار أن يستسلموا للأوغاد في فيتنام والاستسلام للخوميني. إن هؤلاء اليهود الظرفاء الحمقى لم يعد يقبلهم المجتمع بل أصبح يتهمهم بقتل المسيح وقتل عرفات في صبرا وشاتيلا. فلم يعد هناك فرق بيننا نحن الإسرائيليين وبينهم, وهذا أروع ما في الموضوع. "نحن بالفعل دولة يهودية نازية، ولمَ لا نكون كذلك؟ إن الشعب الذي استسلم وهو يقاد إلى السلخانة والذي رضي بأن يصنع الأغيار الصابون من عظام أطفاله والمصابيح من جلد نسائه هو شعب أكثر إجراماً من المجرمين الذين فعلوا به كل ذلك. لو أن آباءك المتحضرين جاءوا إلى هنا في الوقت المناسب بدلاً من تأليف الكتب عن حب الإنسانية وترديد دعاء "اسمعي يا إسرائيل" (شهادة التوحيد اليهودي) وهم في طريقهم إلى غرف الغاز، فلا تتعجب، إذا ما قتلوا 6 ملايين عربي هنا أو حتى مليوناً واحداً، ما الذي سيحدث؟ بالطبع لا شيء سوى عدة صفحات قذرة يدونها التاريخ، لكن عندئذ سيكون عددنا نحن اليهود 25 مليوناً". "إنني على أتم استعداد الآن للتطوع من أجل تنفيذ هذه المهام القذرة، فلا أرى أي مانع من قتل أكبر عدد من العرب أو تشريدهم أو ترحيلهم أو طردهم أو حرقهم حتى يكرهنا الجميع وحتى نسحب الباسط من تحت أقدام يهود الدياسبورا (أي يهود العالم خارج إسرائيل)، ونجعلهم يفرون وهم يذرفون الدمع متوسلين أن يسمح لهم بالاستقرار هنا. حتى لو استلزم الأمر (أن يقوم عملاء إسرائيليون) بنسف معبد يهودي أو اثنين (لإرهابهم) حتى يفروا إلى إسرائيل (وهذا ما حدث فعلاً في العراق عام 1952 حين نسف العملاء الصهاينة معبداً يهودياً وأماكن تجمع اليهود حتى يضطر يهود العراق إلى الفرار إلى الوطن القومي اليهودي). ولا أبالي بعد ذلك إذا نصبت لي المشانق أو إذا ما حكمت محاكمة نورمبرج وقررت شنقي لأنني مجرم حرب. إن ما لا تستطيعون استيعابه هو أن الأعمال الدنيئة للصهيونية لم تنتهِ بعد. نعم كان يمكن أن تنتهي عام 1948 لكنكم تدخلتم وأوقفتم ذلك. وهذا يعود بلاشك إلى أن يهوديتكم راسخة في أرواحكم وعقلية الدياسبورا التي لا تستطيعون التخلص منها، (ألا يبين هذا مدى كره شارون لليهود واليهودية) فقلما يفهم اليهود الأمور بشكل سريع. إنني أشعر بسعادة بالغة لأن حرب لبنان قد أفزعت اليهود الحمقى Yids. عليهم أن يسرعوا بالعودة إلى وطنهم قبل أن تنطبق عليهم الظلمة. أنا إذن معادٍ للسامية. لا تقتبس أقوالي، فلتقتبس أقوال موشيه ليلينيلوم (أحد أهم المفكرين الصهاينة). فهو ليس معادياً للسامية، بل هناك شارع في تل أبيب مسمى باسمه يقول ليلينيلوم: "أليس كل ما يحدث حولنا هو دليل ناصع على أن أسلافنا كانوا يريدون أن يعيشوا مثل الغجر (الجوالين الذين لا وطن ولا جذور لهم) وأننا لا نختلف عنهم كثيراً. يمكنك أن تكتب أنني وصمة في جبين البشرية. هذا لا يهمني، بل بالعكس ولنعقد صفقة. أفعل كل ما بوسعي لطرد العرب من هنا ولزيادة معدلات معاداة السامية في العالم، على أن تمكث أنت مكانك تكتب قصائد شعرية ومقالات تصور بؤس العرب. ولتكن على أتم استعداد لأن تستوعب اليهود الحمقى الذين سيضطرون للهرب واللجوء إلى هذه البلد، ولتعلمهم كيف يصبحون نوراً للأغيار. ما قولك في هذا؟". والله أعلم.