لا يختلف اثنان من العراقيين وأصدقاء العراق، حول أهمية إحلال الأمان والاستقرار في العاصمة العراقية بغداد ومدن العراق الأخرى، ولكن لم نر هذا بالرغم من الخطط الأمنية والعسكرية العديدة، وآخرها خطة فرض القانون في بغداد والتي لم تحقق ما رسم لها لحد الآن، لأن معالجة الأوضاع الأمنية المتردية والمأساوية في العراق تتطلب قبل كل شيء، الولاء للوطن والابتعاد عن التخندق الطائفي والمناطقي، الذي ساهم في تعميق داء الطائفية وعزل مناطق عن مناطق أخرى في بغداد، وتهجير الناس من بيوتهم بالتهديد وقوة السلاح، من أجل تقسيم مدينة بغداد مذهبياً، بعد أن كانت عاصمة العراق الجميلة لكل العراقيين دون تمييز. واليوم وبعد تشييد جدار إسمنتي هنا وجدار إسمنتي هناك، لعزل هذه المنطقة عن تلك المنطقة، وجعل بغداد عبارة عن مناطق مغلقة بحجة حماية الناس من الهجمات الإرهابية والسيارات المفخخة كما يقال، ولكن هذه الجدران العازلة ستعمق التمييز الطائفي والمناطقي ما بين أبناء الوطن الواحد منذ الآف السنين. ومن يريد تحقيق الأمن والهدوء في العراق، عليه أن يحل المشكلة من أساسها والتي تتلخص، بجدولة انسحاب القوات الأجنبية من العراق، والابتعاد عن المحاصصة بكل أشكالها، وتوفير كل الخدمات الضرورية للمواطنين، ومحاربة العصابات والزمر الإرهابية وتفكيك الميليشيات، والبدء بالبناء والعمران وتوفير فرص العمل للعاطلين، ومساعدة المحتاجين والعاجزين وكل من لا يستطيع العمل. وكل هذه الخطوات وغيرها، ليست صعبة التحقيق في بلد لديه إمكانيات كالعراق، إذا تضافرت الجهود الوطنية المخلصة، لأننا لا نريد جدرانا يشيد ظاهرها باسم سيادة الأمن والأمان والاستقرار، وباطنها طائفياً وعنصرياً لا يخلص العراق من محنته الحالية أبداً. رئيس الوزراء العراقي رفض بناء مثل هذه الجدران في العاصمة بغداد، فهل إن قوات الاحتلال وحدها هي التي قررت وخططت ونفذت ذلك دون علم الحكومة العراقية؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، فأين الحكومة العراقية إذن، من كل ما يحدث في العراق؟ حمزة الشمخي- كاتب عراقي