في دراسة ميدانية حديثة أجرتها غرفة تجارة دبي ومركز دبي لأخلاقيات العمل، حول مدى التزام الشركات المحلية بتنمية المجتمع والإنجازات التي حققتها في المجال، ذكرت 72% من المؤسسات المشارِكة في المسح الميداني، أن لديها وعياً "مرتفعاً" أو "مرتفعاً جداً" بشأن المسؤولية إزاء تنمية المجتمع، كما ذكرت أغلبية الشركات أن إداراتها ملتزمة تماماً بمسؤوليتها إزاء تنمية المجتمع، بينما ذكرت 86% من الشركات أن تجاهل تنمية المجتمع ينعكس سلباً على أدائها المالي. فرغم عدم وجود تعريف جامع ودقيق لمفهوم "المسؤولية الاجتماعية"، فإن هذه النسب والمؤشرات التي خرجت بها هذه الدراسة مُبالغ فيها، ولا تعكس بأي حال تصرف الشركات والبنوك المحلية، التي ظلت، طيلة السنوات الماضية، تحقق أرباحاً قياسية، في ظل ارتفاع أسعار النفط، والطفرة الاقتصادية الكبرى التي تشهدها الدولة في أكثر من مضمار حالياً، والتي كان لها أكبر الأثر في خلق بيئة عمل نشطة. إن غياب أي دور حقيقي للشركات الوطنية الكبرى في تنمية المجتمع، يجب أن يُنظر إليه في ظل مجموعة من الحقائق والمعطيات. فهذه الشركات إذا قدّر لها أن تعمل في دول أخرى، لاستقطعت حكومات هذه الدول نصف أرباحها على شكل ضرائب، بمسمّياتها المختلفة، وهذه ليست دعوة لفرض ضرائب على هذه الشركات، وإنما مطالبة لأن يعي القائمون عليها مسؤوليتهم الاجتماعية والأخلاقية تجاه مجتمعهم ووطنهم الذي يقدم لهم الكثير، حيث إن المستويات العالية من الأرباح التي تحققها الشركات المحلية لم تكن بسبب زيادة في كفاءتها، بقدر ما هي تحسّن بيئة العمل، وزيادة في الطلب على خدماتها ومنتجاتها، حيث يعود الفضل في ذلك لأجهزة الدولة، في المقام الأول. وهكذا تستفيد الشركات من عوامل خارجية في تعظيم أرباحها، والبلوغ بها إلى هذه المستويات القياسية، من دون أن يكون للمجتمع نصيب منها. وبالنظر إلى المسؤولية المجتمعية للشركات من زاوية ضيّقة جداً، ومن خلال الأهداف الاقتصادية والتجارية المحضة لهذه الشركات، فإن قيام الشركات بدورها في هذا الخصوص، يضمن دعم المجتمع لها، والمساهمة في إنجاح أهدافها، وتحسين الصورة العامة لمنتجاتها وسمعتها، وزيادة المبيعات، وإخلاص العملاء لها، وغير ذلك من المكاسب التي تزيد من إنتاجيتها، حيث لم يعد تقييم الشركات يعتمد على أدائها فحسب، ولم تعد تلك الشركات تعتمد في بناء سمعتها على مراكزها المالية فقط، بل ظهرت مفاهيم جديدة تساعد على خلق بيئة عمل قادرة على التعامل والتفاعل مع التطورات الخارجية المحيطة، من أبرزها مفهوم "المسؤولية الاجتماعية للشركات"، والتأكيد أن الشركات التجارية والاقتصادية والمالية ليست شركات خيرية، وأن هاجسها الأول هو تحقيق أكبر عائد من الربح على أصحابها، إلا أن تجارب الدول المتقدمة أثبتت أن نجاح المؤسسات والشركات، ودورها في عملية التنمية، ازداد بصورة ملحوظة بعد أن أدركت هذه المؤسسات والشركات أنها غير معزولة عن المجتمع، وتنبهت إلى ضرورة توسيع نشاطاتها لتشمل ما هو أكثر من النشاطات الإنتاجية، وانغمست في هموم المجتمع والبيئة المحيطة، وغيرها، في إطار المحاور الثلاثة التي وضعها (مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة)، وهي النمو الاقتصادي، والتقدم الاجتماعي، وحماية البيئة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.