نجاعة البدائل النفطية
مع تجاوز أسعار النفط الخام في بعض الفترات لحاجز 75 دولاراً أميركياً، فإن اقتصاديات إنتاج الطاقة آخذة في التغير في العديد من بلاد العالم. وقبل وقت قصير فقط عندما كانت أسعار النفط تراوح بين 25 إلى 30 دولاراً أميركياً، لم يكن من المُتخيل أن يتم اللجوء إلى بدائل أخرى لاستخلاص مصادر جديدة للطاقة، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة إنتاجها. أما الآن، فإن العديد من المستثمرين المغامرين والحالمين بإنتاج الطاقة من مصادر بديلة، أخذوا في الاتجاه إلى جبهات جديدة للقيام بذلك، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية.
فوسائل الإعلام تخبرنا بأن إحدى الشركات تحاول تحويل شحوم الديوك الرومية إلى وقود، وأخرى تخطط لتحويل كميات ضخمة من الفحم الحجري متدني الجودة إلى وقود الديزل، وثالثة تحاول تحضير مبررات بيئية تواجه بها دعاة حماية البيئة لكي تثبت لهم جدوى إنتاج النفط من الصخور المتشكلة من الصلصال والطين الذي يتصف بسهولة إنفلاقه إلى طبقات، والذي يغطي مساحات واسعة من أراضي بعض الولايات الأميركية المقام عليها حدائق عامة أو مناطق غابات ومساحات مزروعة تقوم الدولة وجمعيات حماية البيئة بحمايتها والدفاع عن عدم المساس بها.
وفي هذه الأيام، تحظى الدعوات إلى إيجاد مصادر بديلة للطاقة بزخم كبير في كافة الدول المستهلكة، ففي الولايات المتحدة بالتحديد دعا الرئيس جورج دبليو بوش صراحة إلى تكثيف الجهود لإيجاد مصادر طاقة بديلة متجددة وغير ناضبة. وتشير بعض التقارير إلى أن أهم مصدر يمكن الاعتماد عليه لاستخراج النفط، هو تحويل الصخور الصلصالية والطينية إلى طاقة، وذلك عن طريق استخراج الزيت الحجري منها. ويقدر مكتب إدارة الأراضي في الولايات المتحدة الكميات التي يمكن استخراجها كزيتٍ حجري بحوالى 800 مليار برميل من النفط.
ويُضاف إلى ذلك وجود رمال ممتزجة بالقار الطبيعي، دلت التجارب التي تجرى حولها في كندا، على أنه يمكن استخراج كميات مبدئية منها تبلغ مليون برميل من النفط في اليوم الواحد. ويقال بهذا الصدد إن هذه الطريقة تشكل مصدراً واعداً لأن الجهود المبذولة فيها تجرى على نطاق واسع والنتائج تسير بخطى حثيثة نحو أن تصبح أكثر إيجابية.
وبغض النظر عن وجود مصداقية في هذا النوع من التجارب، فإنه توجد محاذير حول الجدوى الاقتصادية الحقيقية لإنتاج النفط من هذه المصادر، كما توجد حدود للقدرة على تطوير الوسائل المستخدمة في ذلك لكي تصبح الكميات المستخرجة ذات فائدة حقيقية بالنسبة لخفض الأسعار أو بقائها ثابتة على أقل تقدير، فهذه الوسائل ذاتها تحتاج إلى كميات ضخمة من الطاقة التي تستخدم في تسخينها لكي تنتج نفطاً، خاصة الغاز. والنفط المنتج بهذه الطريقة عادة ما يكون من نوعية رديئة جداً تحتاج إلى مصافٍ خاصة بها لكي تستطيع هضمها وتكريرها لتصبح صالحة للاستخدام بكفاءة تصل إلى كفاءة المواد المستخرجة من تكرير النفط. وتضاف إلى ذلك التكلفة البيئية التي ترتبط بعمليات تحويل من هذا القبيل، والتي تقف لها جمعيات حماية البيئة بالمرصاد في كل مكان.
لذلك يمكن القول إنه ليس من المتوقع للبشرية أن ترى تغيرات جذرية في نمط إنتاج النفط أو إيجاد بدائل طاقة ناجعة له بين عشية وضحاها، أي أنه مع ارتفاع أسعار النفط، فإن الأمر لا يعني بأي حال من الأحوال أن يتم التحول الفوري إلى استخدام البدائل الجديدة التي يتم ابتكارها أياً كانت تلك البدائل، فالعملية على أرض الواقع أعقد بكثير مما يتحدث عنه من يقولون إن البدائل قادمة في القريب العاجل. وجميع الحقائق تشير إلى أنه لا توجد تقنية وحيدة تشكل بحد ذاتها العصا السحرية التي ستزيل الهيمنة التي يحظى بها النفط كمصدر رخيص نسبياً للطاقة. ولكن هذه الملاحظة الأخيرة يجب ألا تفهم بأنها ترمي إلى القول إن المزيد من الجهد لن يبذل، لكي يتم التوصل إلى تقنيات جديدة لاستخراج الطاقة. ولكن ذلك لن يلغي دور النفط تماماً بل سيساعد في أن تكون للعالم بدائل من نوع ما في وقت الحاجة.