ساهم فشل الكونجرس في النهوض بمسؤولياته باعتباره الجهاز الأول للحكم –ومن ذلك فشله في الانخراط الجاد والمسؤول في سن التشريعات، ومراقبة السلوك الأخلاقي لأعضائه، وممارسة مبدأ "المراقبة والتوازن" الذي ينص عليه الدستور تجاه المؤسسات السياسية الوطنية الأخرى- في تراجع الأغلبية "الجمهورية" في الانتخابات النصفية التي جرت في نوفمبر الماضي وبالتالي سيطرة "الديمقراطيين" على الكونجرس بغرفتيه. ومما لاشك فيه أن الكونجرس يعمل بجدية ومسؤولية أكبر اليوم؛ فقد فرضت رئيسةُ مجلس النواب، "نانسي بيلوسي"، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، "هاري ريد"، العمل خمسة أيام في الأسبوع باعتباره القاعدة، وليس الاستثناء؛ كما أن عدد الجلسات التي عقدتها غرفتا الكونجرس خلال الربع الأول فاق عدد تلك التي عُقدت خلال الفترة نفسها من ولاية الكونجرس السابق. وبصفة عامة، فقد ازدادت أنشطة الكونجرس جميعها بشكل ملحوظ، سواء جلسات اللجان التابعة للكونجرس، أو التشريعات التي تم تمريرها، أو القوانين التي سُنت ووقع عليها الرئيس. ولما كانت معظم مشاريع القوانين لازالت قيد الدرس والمناقشة، فإنه من السابق لأوانه بطبيعة الحال الحكم اليوم على مدى غنى أو هزال المحصول التشريعي. ومن الواضح أن انقسام الحكومة ساعد الكونجرس على استرجاع موقعه في النظام الدستوري. فبعد سنوات من اللامبالاة، يلاحَظ اليوم أن الكونجرس زاد من مراقبته للجهاز التنفيذي وعززها، لاسيما بخصوص موضوع العراق. كما أن جلسات الاستماع باتت تركز -وعن صواب- على السياسة والإدارة أكثر من تركيزها على الفضائح الشخصية. وعلاوة على ذلك، يقوم الكونجرس اليوم بتحدي البيت الأبيض بخصوص العديد من المواضيع الداخلية وشؤون الأمن القومي التي كان يُنظر إليها في عهد الكونجرس "الجمهوري" المنقاد باعتبارها من المُسَلمات. بيد أن التباين بين القديم والجديد أضحى اليوم أقل وضوحاً في طريقة تعامل الكونجرس مع عملية سن التشريعات. فإذا كان مجلس النواب قد قام بالالتفاف على اللجان المختصة في أحيان كثيرة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الكونجرس الجديد؛ فإن الطرق المسطرية المختصرة التي يلجأ إليها "الديمقراطيون" حصرت في أحيان كثيرة مشاركة حزب الأقلية في عمليات المناقشة والمداولة. وإضافة إلى ذلك، فقد عانى عمل مجلس الشيوخ من تهديدات بتأخير سن التشريعات عبر اعتماد تكتيكات التلكؤ والمماطلة، والتي تعود بالأساس إلى الخلافات الحزبية؛ غير أن الشهر المقبل سيمثل اختباراً لما وعد به "الديمقراطيون" من عودة إلى "النظام العادي". وأخيراً، فإذا كان الكونجرس قد اتخذ خطوات مهمة من أجل تحسين المناخ الأخلاقي، فإنه ما زال ثمة الكثير مما يتعين القيام به، ومن ذلك تعزيز القانون الخاص بنشاط المجموعات الضاغطة، وتبني قوانين أخلاقية أكثر مصداقية، على رأسها قانونان وعد زعماء مجلس النواب "الديمقراطيون" بمناقشتهما قبل نهاية شهر مايو المقبل، أي قبل "عيد الشهداء" في الولايات المتحدة. ــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"