الكونجرس أمام تحديات "اللغز الفارسي" و"الحلول الأميركية" غير مجدية في باكستان لا للتدخل الأميركي في باكستان، ودعوة للتعاون بين الكونجرس وإدارة بوش لمواجهة إيران، وإسرائيل تتعامل مع المعتقلين بطرق أفضل من الأميركيين، وارتفاع معدلات الانتحار بين الشباب تطورٌ يحيِّر الباحثين... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. "دعوا باكستان وشأنها": بهذه العبارة، لخص "راجان مينون" موقفه من التدخلات الأميركية لاحتواء الأزمة السياسية في باكستان، فضمن مقاله المنشور يوم الخميس الماضي بصحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، توصل "مينون"، وهو أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "ليهاي"، إلى أن أفضل طريقة يمكن للإدارة الأميركية من خلالها التعامل مع باكستان، هي أن تترك الباكستانيين يجدون حلاً لأزمتهم، ذلك لأن أي حل "مصنوع في أميركا" سيفشل، وسيجعل الأمور أسوأ مما كانت عليه. الكاتب يرى أن الأمل المعلق على استثمار إدارة بوش لبنازير بوتو يأتي في غير محله ويشكل سياسة شخصانية، ولا يوجد ما يشي بصحة الفرضية القائلة بأن هذه السيدة ستكون أكثر نجاحاً من مشرف في مواجهة "طالبان" و"القاعدة". "اللغز الفارسي للعراق": تحت هذا العنوان، نشرت "كريستيان ساينس مونيتور" يوم أمس الجمعة افتتاحية أشارت خلالها إلى أن ثمة سجالاً جديداً حول العراق يدور في الكونجرس، وهو سجال يجب أن يوضح قدرات إيران كقوة إقليمية ونووية. الصحيفة ترى أن الكونجرس يحاول من جديد التوصل إلى إجماع حول العراق، لكنه لا يستطيع تجاهل إيران، خاصة في ظل تساؤل مؤداه: هل ستُحكم إيران قبضتها على شيعة العراق بعد انسحاب القوات الأميركية من بلاد الرافدين؟ هذا التساؤل يبرز السجال المتجدد في كابيتول هيل بطريقة يمكن وصفها بـ"البُساط الفارسي". وإذا كان الكونجرس يرفض تحذيرات الرئيس بوش الخاصة بتنامي نفوذ إيران وطموحاتها النووية، وإذا كان الكونجرس يطالب بالبدء في سحب القوات الأميركية من العراق، فلابد له أولاً من النظر بتمعن لنوايا وقدرات إيران. إدارة بوش جربت منذ عام 2003 الدخول في محادثات غير مباشرة مع إيران حول برنامجها النووي، وذلك من خلال حلفاء أميركا الأوروبيين، وجربت واشنطن خلال هذا العام الدخول مع طهران في حوارات مباشرة حول العراق، وللأسف يبدو أن الحواراتِ المباشرةَ وغير المباشرة مع طهران فشلت، فطهران لا تزال تقوم بتخصيب اليورارنيوم، ولا تزال تقدم العون المادي للميليشيات العراقية التي تشن هجماتٍ على الجنود الأميركيين. ويبدو أن إيران تفضل وجود مستنقع أميركي في العراق يجعل واشنطن لا تستطيع شن هجمات على منشآت إيران النووية. ومع تعثر الحوار تستعر المواجهة الدبلوماسية وتزداد العقوبات الأممية على طهران. ومع تلميحات إدارة بوش بأنها بصدد خطوة مقبلة هي الإعلان أن الحرس الثوري الإيراني أو ذراعه العملياتية "لواء القدس" منظمة إرهابية، وهي خطوة تمهد لجعل جزء كبير من القوة الإيرانية مصدر تهديد، فإن هذا يجعل إيران هدفاً محتملاً لضربة عسكرية أميركية. وفي ظل هذه الأجواء على الكونجرس إظهار قدرته على القيادة لا الانهماك في سجال حزبي عقيم، والبدء بالتساؤل التالي: هل بدأ قادة إيران يغيرون آراءهم، أم لابد من إجبارهم على هذا التغيير؟ وفي النهاية على الكونجرس وإدارة بوش العمل سوياً من أجل حل "اللغز الفارسي". "النموذج الإسرائيلي": هكذا عنونت "الواشنطن بوست" افتتاحيتها يوم الثلاثاء الماضي مستنتجة أنه لا أحد يستطيع القول إن إسرائيل متراخية في مسألة الإرهاب، وهو ما يجعلنا نتخيل أن الدولة العبرية تعيش خلف سياج يمنح المعتقلين والمقاتلين غير الشرعيين الضمانة القانونية. هذا يتناقض مع المقاربة التي تنتهجها إدارة بوش في التعامل مع القضايا ذات الصلة بالإرهاب.الصحيفة ترى أن هذه الإدارة ربما تكون قادرة على تعلم دروس من النهج الإسرائيلي تجاه الإرهاب. مناسبة هذا الحديث تكمن في القضية المطروحة أمام المحكمة الأميركية العليا للبت فيما إذا كانت إدارة بوش قد اعتقلت بشكل غير قانوني ستة جزائرين وتعاملت معهم على أنهم "مقاتلون أعداء". السيد "بومدين" ومعه خمسة جزائرين آخرين كانوا قد حصلوا على الجنسية البوسنية، وتم إلقاء القبض عليهم في أكتوبر 2001 للاشتباه في أنهم خططوا لتدمير السفارة الأميركية في البوسنة، في يناير 2002 أصدرت المحاكم البوسنية قراراً بإطلاق سراحهم لعدم وجود أدلة، غير أن واشنطن طلبت إبقاءهم قيد الاعتقال والنتيجة أنهم مكثوا في جوانتناموا مدة تصل إلى 5 سنوات ونصف، في ظل قيود على حقهم في التشاور مع محاميهم أو الطعن في قرار اعتقالهم، وموقف إدارة بوش يستند إلى منطق يتمثل في أن المواطنين غير الأميركيين الذين يتم القبض عليهم في الخارج لا يتمتعون بالحماية الدستورية التي يتمتع بها الأميركيون. وحسب الصحيفة ربما ترفض المحكمة الأميركية العليا موقف إدارة بوش تجاه هذه القضية، لكن إذا ألقي القبض على هؤلاء الستة في إسرائيل لكان أمرهم مختلفاً تماماً عما تعرضوا له من قبل الإدارة الأميركية. الصحيفة قالت إن الأجانب الذين يتم إلقاء القبض عليهم خارج إسرائيل تتم مقاضاتهم أمام المحاكم المدنية الإسرائيلية ولهم حق الطعن في قرار اعتقالهم خلال 14 يوماً من حدوثه، ولهم حق مراجعة قرار الاعتقال كل ستة أشهر أمام محكمة إسرائيلية. والمقاتلون غير الشرعيين الذين يتم القبض عليهم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة تتم مقاضاتهم أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية مع وجود ضمانات للمراجعة القضائية. وعلى النقيض مما يجري في الولايات المتحدة، تقضي المحكمة الإسرائيلية العليا باستمرار اعتقال من يثبت أنهم يشكلون خطراً وشيكاً على تل أبيب، أما إذا لم يثبت ذلك، فلابد من إطلاق سراحهم، وهذا لا يمنع أجهزة الأمن الإسرائيلية من الدفاع عن الدولة العبرية. صعود معدلات الانتحار: في افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة، وتحت عنوان "تساؤلات حول تصاعد معدلات الانتحار"، لفتت "نيويورك تايمز" الانتباه إلى أن الصعود الحاد لمعدلات الانتحار بين الشباب الأميركي ترك الباحثين في حيرة حول الأسباب، في ظل تساؤلات حول الدروس التي يمكن استيعابها من هذه الظاهرة. بعض الباحثين يفترضون أن التحذيرات من معايير السلامة عند استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب قد أججت المشكلة وجعلت الأطباء والمرضى ينأون بأنفسهم عن وسائل العلاج المأمونة. وحسب أحدث التقارير عن مركز الوقاية من الأمراض عن معدلات الانتحار بين الشباب أو ممن تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 24 سنة، فإنه خلال الفترة من عام 1990 إلى عام 2003 تراجعت معدلات الانتحار بين هذه الفئة العمرية بنسبة تزيد على 28% لتصبح 6.78 حالة انتحار لكل 100 ألف شاب، بعد أن كانت 9.48 حالة، لكن خلال عامي 2003 و2004 قفز المعدل ليصل إلى 7.32 حالة لكل 100 ألف نسمة أي بزيادة نسبتها 8%، وهي نسبة تعد الأعلى خلال 15 عاماً. الصحيفة رأت أنه بعد نشر تقارير تحذر من تناول الأدوية المضادة للاكتئاب مفادها أن هذه الأدوية تزيد من احتمالات الإقدام على الانتحار بين الشباب، تراجع الأطباء في الولايات المتحدة وهولندا عن إصدار وصفات طبية تتضمن هذا النوع من الأدوية، والنتيجة زيادة معدلات الانتحار بين الشباب في كلا البلدين. هذا الاستنتاج لا بد أن يخضع لمراجعة دقيقة قبل القبول بصحته، خاصة أن الأطباء يرون أن للانتحار أسباباً عدة يصعب اعتبار أحدها سبباً رئيسياً لهذه الظاهرة. إعداد: طه حسيب