تبدو فكرة استغلال الإعلانات التي تظهر على جانب الصفحات الشخصية الموجودة في موقع "فيس بوك"، والتي تستخدم صور وأسماء الأصدقاء من أجل ترويج المنتجات، وكأنها الخطوة التالية التي ستقدم بعض الشركات على استخدامها لتحقيق أرباح من خلال استغلال بعض الشبكات الاجتماعية التي تحتفظ بمواقع لها على الويب. فعلى سبيل المثال، قد يرى شخص ما إعلاناً لفيلم حقق نجاحاً ساحقاً يتباهى بأن صديقه- صديق هذا الشخص- ولنفترض أن اسمه "ميجان مارك" قد منح تقويماً من أربع نجوم لفيلم" توب جن"، وأنه طالما أن الفيلم قد نال استحسان" ميجان مارك"، فإن النصيحة التي يقدمها له الموقع هي أن يستأجر الفيلم. ولكن هناك خبراً منشوراً على موقع "فيس بوك" يفيد بأنه قد تبين للموقع أن مثل هذه الممارسة تنتهك قوانين الخصوصية في ولاية نيويورك، وأنها بالتالي غير مسموح بها من الناحية القانونية. ويقول "ويليام ماكجيفيران" أستاذ القانون في جامعة "مينيسوتا" في "مينيابوليس" إن قوانين الخصوصية في نيويورك، التي يبلغ عمرها قرنا من الزمان، تحول بين المعلنين وبين استخدام أي اسم أو صورة لأي أحد، دون الحصول منه في المقام الأول وأن نشر إعلان مثل الإعلان السابق الخاص بفيلم" توب جن" في مبنى مثل "إمباير ستيت بيلدنج" يعتبر جنحة يعاقب عليها القانون. وما يقوله "ماكجيفيران" يحيل إلى قضية أكبر تواجهها في الوقت الراهن العديد من الشركات العاملة على شبكة الإنترنت، وهي أنه طالما أن مواقع الإنترنت المختلفة تظهر على الشاشات في أي مكان في العالم، فإن أي خروج على القانون من جانب تلك المواقع قد يجعلها عرضة للمساءلة القانونية من جانب سلطات الدول المختلفة. "فأنت عندما تضع شيئاً على شبكة الإنترنت، فإنك لا ترسله فقط لنيوجيرسي أو لأستراليا، وإنما ترسله لكل مكان على كوكب الأرض"... هذا ما يقوله البروفيسور "ماكجيفيران"، الذي يضيف إلى ذلك" وبعض هذه الأماكن هو في الحقيقة دول قد يعتنق مواطنوها أفكاراً تختلف عن أفكارنا فيما يتعلق بحرية الكلام والخصوصية، كما يختلف نظامها الدستوري عن دستورنا كذلك". وتطبيق القوانين الحالية على الإنترنت عمل تكتنفه الصعوبات، يرجع ذلك لأنه ولسنوات طويلة، ظلت المحاكم والمحامون يتساءلون عما إذا كانت قوانين النشر المكتوبة للعالم الواقعي قابلة أيضاً للتطبيق على العالم الافتراضي أي على شبكة الإنترنت؟ وإذا ما انطبقت فهل سيكون لها نفس الأهمية التي تتمتع بها في العالم الحقيقي خصوصاً إذا ما عرفنا أن نسخ أو اقتباس شيء في هذا العالم، قد لا يحتاج إلى أكثر من ضغطة زر. ولكن قد يتبين أن تحديد القوانين التي يجب أن تحكم النشاطات التي تتم على شبكة الإنترنت، هو أمر أكثر صعوبة بكثير مما قد يبدو للوهلة الأولى- بحسب خبراء الإنترنت. فهؤلاء الخبراء يتساءلون كيف يمكن استنباط الأحكام، التي يمكن تطبيقها على شبكة هائلة يطلق عليها "الشبكة العالمية الواسعة الانتشار"؟ إنها ذات امتداد عنكبوتي لسائر أرجاء الأرض. فإدارة موقع "فيس بوك" على سبيل المثال تقع في ولاية كاليفورنيا، في حين أن البيانات المتعلقة بالإعلانات التجارية التي تنشر فيه يمكنها أن تنتقل عبر الأسلاك إلى 12 ولاية من الولايات الأميركية، قبل أن تصل إلى كمبيوتر لشخص يقيم في نيويورك مثلاً مما يطرح السؤال: ما هي الولاية التي سيتم تطبيق قوانينها في حالة مثل هذه؟ المشرفون على موقع "فيس بوك يرون" أن الأمر ليس كذلك بالضبط، وأنه لا يجب أن يناقش على هذا النحو، لأن محتويات موقعهم، تعبر حدود العديد من الولايات، ولأن الموقع محمي ضد تطبيق القواعد المحلية بفضل "الفقرة التجارية" المتضمنة في دستور الولايات المتحدة، وذلك كما يقول "كريس كيلي" كبير مسؤولي الخصوصية لـ" فيس بوك". ويضيف كيلي:"إذا ما حدث شيء من ذلك، فإنه سيكون من اختصاص القانون الفيدرالي". ويضيف السيد "كيلي"إن "فيس بوك" سيعمل على إيجاد علاج للمسائل التي تسبب القلق في هذا الخصوص وذلك من خلال نشر توضيحات للمستخدمين تعلمهم أن بعض الأعمال التي يقومون بها على شبكة الإنترنت تسمح للموقع باستخدام صورهم في الإعلانات. يبقى السؤال: هل يعني ذلك أن القوانين المحلية للدول يمكن أن تحاكم المواقع الأميركية التي تظهر على شاشات الكمبيوتر في هذه الدول؟ وهذا السؤال ينبع من حقيقة عدم وجود معادل دولي للفقرة التجارية في الدستور الأميركي، وهو ما يجعل القضاة الأجانب قادرين على تطبيق قوانينهم المحلية. ومثل هذا الإجراء أي قيام القضاة الأجانب بتطبيق القوانين المحلية كان هو تحديداً السبب في حظر موقع" يو تيوب" في العديد من أجزاء البرازيل في موعد سابق من هذا العام، وذلك بعد أن أقدمت السوبر موديل الشهيرة "دانييلا سيكاريلي" على رفع دعوى ضد موقع خاص لتقاسم أفلام الفيديو أمام محكمة برازيلية مدعية أن صوراً مثيرة لها بصحبة المصرفي "ريناتو مالزوني" قد ظهرت كإعلانات في بعض المواقع الشخصية على هذا الموقع، وهو ما اعتبرته انتهاكا لخصوصيتها. وأصدرت المحكمة البرازيلية قرارا يلزم "يو تيوب" بالعمل على منع ذلك الفيلم من الوصول إلى الكمبيوترات الشخصية في البرازيل من خلال وضع فلتر فعال للحيلولة دون مرور هذا الفيلم على وجه الخصوص. تعلق "ميا جارليك" مستشارة المنتجات لموقع "يو تيوب" على ذلك بقولها: "ليس هناك من طريقة يمكن بها منع رفع قضايا مماثلة في المستقبل، وهو ما يرجع لحقيقة أن الدول تطبق معايير مختلفة للخصوصية، وليس من الممكن أن تتجاوز كل تلك القوانين وتجعل قانونك أنت هو السائد". كريس جايلورد ـــــــــــــ كاتبة أميركية متخصصة في الشؤون العلمية ـــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"