عندما كنت وزيراً للإسكان والتنمية الحضرية في إدارة الرئيس السابق جورج بوش الأب، أذكر مقاومتنا اليومية لنزعة التشاؤم الاقتصادي، في مسعى منا لدفع حلم المواطنين لامتلاك بيوتهم، خاصة لذوي الدخول المتوسطة والضعيفة منهم. وخلال السنوات الخمسة عشر الماضية، ارتفعت نسبة ملكية المواطنين الأميركيين –لاسيما بين الملونين منهم- لبيوتهم، إلى معدلات تاريخية غير مسبوقة. ففي السنوات الخمس الأخيرة وحدها، امتلكت نحو 2.8 مليون أسرة، بيتها الخاص بها لأول مرة في حياتها. غير أن الأزمة التي شهدها القطاع العقاري مؤخراً، تهدد بتراجع هذا التقدم الذي أحرز في مجال الإسكان. ومن الواضح أن القروض المخصصة للرهون العقارية ماضية نحو الأسوأ. وعليه فإن السؤال الملح الذي لا بد من إثارته هو: كيف للحكومة أن تساعد مالكي البيوت دون أن تخاطر بعائداتها الضريبية، أو إرسال رسالة خاطئة إلى سوق الإسكان؟ وليس من إجابة واحدة عن هذا السؤال حتى الآن. فقد طفحت بعض الأفكار القائلة بتسريح جميع مدراء الأرصدة في "وول ستريت" عقاباً لهم على سوء القرارات التي اتخذوها بشأن الضمانات العقارية. وتذهب بعض المقترحات أيضاً لمعاقبة بعض المستثمرين الذين كثفوا من استثماراتهم في القطاع العقاري، طمعاً منهم بكسب مزيد من الأرباح في سوق المضاربة العقارية. ومن الخطوات الإيجابية المقترحة، توعية ملاك البيوت، وتقديم الاستشارات المالية والقانونية اللازمة لهم، إلا أنها تظل خطوة صغيرة ومحدودة رغم ذلك. والحقيقة أن الأسواق ستواصل عملها ونشاطها مهما كان الحال. فرغم القلق الذي تعانيه سوق الأرصدة حالياً، فإنها لا تزال تحرز تقدماً في أنشطتها. ورغم ثنائي على الجهود التي يبذلها البيت الأبيض في تشجيع خدمات الرهون العقارية، على إجراء تعديلات في أسعار الفوائد الحالية على قروض الرهن العقاري، لحالات محدودة من أصحاب الدخول الضعيفة، والذين يعجزون عن سداد ما عليهم من فوائد مالية تهدد بحبس رهنهم العقاري، فإن المشكلة هي أنه لا يمكن التعويل على هذه المبادرة كحل، لقطاع أوسع من المواطنين لا تشملهم المبادرة، خاصة في ظل قطاع مالي لا يرجح استعداده لتحمل التبعات والتداعيات المالية الناشئة عن أزمة السوق العقاري هذه. والمفقود في هذه المبادرات، هو اتخاذ ما يلزم من خطوات سريعة لتقديم المساعدة لحوالي 2.2 مليون أسرة، باتت مهددة بفقدان بيوتها بفعل مخاطر حبس الرهن العقاري، في المستقبل القريب. وفي الوقت الحالي، فإن للكونجرس مبادرة هي الأفضل بين جميع الخيارات المتاحة الآن، لما يتوقع لها من تأثير أوسع نطاقاً على هذه الأسر المهددة بفقدان بيوتها. وتتلخص هذه المبادرة، في إصدار تشريع يسمح لمحاكم الإفلاس بتخفيف العبء المالي على مالكي البيوت من الأسر الساكنة بالفعل، بحيث تعادل معدلات الفائدة على قروض رهونهم الحالية، تلك التي تطبق على قروض الفلاحين العقارية، أو على القروض المخصصة للأفراد لحصولهم على بيوت العطلات أو السيارات والشاحنات والقوارب وما إليها. والمعروف عن قانون الإفلاس أنه لا يزال يجهل كيفية التعامل مع مالكي البيوت في حال إفلاسهم. ووفقاً لنصوص قانون الإفلاس الساري حالياً، فإنها تسمح للمحاكم المختصة، بخفض معدلات الفائدة العالية على القروض المؤمّنة، دون أسباب وجيهة ومعقولة. كما تسمح النصوص نفسها للمحاكم بإعادة جدولة دفعيات الديون المؤمّنة، بحيث تصبح مقدوراً عليها، إلى جانب تعديل وخفض الجزء المؤمّن من القرض إلى معدل قيمة السوق الجارية للملكية المعينة التي يتعلق بها القرض. وكما نلاحظ فإن هذه النصوص توفر ضمانات كافية لجميع أنواع القروض المؤمّنة، عدا عن تلك المتصلة ببيوت المدينين. وفي هذه الثغرة القانونية الكبيرة ما يهدد أكثر الملكيات والأصول قيمة على الإطلاق؛ أي بيت الأسرة. وهكذا يتجاهل قانون الإفلاس –للأسف- الالتزام المالي الأهم لهذه الأسر وهو رهنها العقاري! وفي ظل غياب تخفيف العبء المالي عن هذه الأسر، فالمرجح أن ينتهي الجزء الغالب من البيوت المملوكة للأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل، بإجراء حبس الرهن العقاري عليها. ومن الواجب على الكونغرس أن يضطلع بدوره التشريعي القيادي، ما أن تنفلت أسواق الخدمات العقارية، وتغض الطرف عن التعديلات ووضع القيود اللازمة على الاتساع المنفلت لقروض الرهن العقاري. ويتلخص هذا الواجب في أن ينظر الكونجرس في إصدار تشريع بفرض تعديلات ملزمة على قانون الإفلاس ومحاكمه المختصة، طالما أن إجراءات تخفيف العبء المالي قد شملت كافة القروض المؤمّنة، عدا عن قروض الرهن العقاري. وهذا هو ما يتوقع أن ينتج عنه "قانون الحماية العادلة لملكية البيوت والرهون" وهو إجراء تشريعي طارئ، قصد به التصدي لهذه المشكلة، وسد الثغرات القانونية المسببة لها. ويستهدف هذا التشريع المقترح، حماية بيوت الأسر الفقيرة التي تهددها أزمة القطاع العقاري الأخيرة هذه، إلى جانب حمايته للرهون العقارية غير التقليدية بصفة خاصة. وبسبب الطبيعة الطارئة التي يتسم بها التشريع المقترح، فإن مدة سريانه لن تتجاوز السبع سنوات فحسب من تاريخ إجازته. على أن المقدر لخطوة إجراء تعديلات تشريعية على قانون الإفلاس وحده، أن تساعد ما يزيد على 600 ألف أسرة على تعديل قروضها العقارية ومواصلة الإقامة في بيوتها الخاصة. جاك كمب ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وزير الإسكان والتنمية الحضرية سابقاً في إدارة جورج بوش الأب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"