ناقش "المجلس الوطني الاتحادي" خلال جلساته الأخيرة في دور انعقاده الثاني من الفصل التشريعي (الحالي)، الذي يُعد أول فصل تشريعي يتشكّل نصف أعضائه بالانتخاب، حزمة من القضايا المهمّة التي أكدت تفاعله الوثيق مع القضايا الحيوية المطروحة على أجندة العمل الوطني. وعلى سبيل المثال، فإن المجلس، ومن خلال جلسته الأخيرة (السادسة) التي عقدت في 11 فبراير الجاري ركز مناقشاته بشكل كبير حول موضوع الإسكان ذي الأهمية والحساسية على المستوى الوطني، وذلك في ضوء قرار الحكومة بناء 40 ألف وحدة سكنية لتلبية حاجة المواطنين على مدى السنوات الخمس المقبلة. وفي سياق المناقشات التي دارت حول هذا الموضوع الحيوي، تمّ التعرض لآليات ومعايير اختيار المتقدمين بالطلبات، وتمّ التأكيد على ضرورة تطبيق المعايير التي تأخذ في الاعتبار الحالة السكنية والاجتماعية والمادية للمتقدّمين، وذلك على النحو الذي يساهم في تقليص حالات الوساطة والمحاباة إلى الحد الأدنى. وتناولت النقاشات ضرورة التنسيق بين الجهات الاتحادية والمحلية خاصة في ما يتعلق بتخصيص الأراضي لبناء المساكن، وتناولت كذلك المطالبات الخاصة بضرورة مساهمة القطاع الخاص ومشاركته في قضية الإسكان، خاصة أن هناك مبادرات من بعض رجال الأعمال في هذا الشأن في إطار الدور المجتمعي للقطاع الخاص في الدولة. ولعل ما يعكس حالة الزخم الكبير الذي تميزت به الجلسات الأخيرة للمجلس، تعرّض المجلس لحزمة من القضايا المتنوعة، ففضلاً عن موضوع الإسكان الحيوي، ناقش المجلس موضوعات أخرى مهمة للغاية مثل تطوير القطاع الصناعي، وطرح في هذا السياق العديد من الأفكار الخاصة بتنظيم هذا القطاع على النحو الذي يمكّنه من المزيد من المساهمة في عملية التطور الاقتصادي التي تشهدها الدولة في المرحلة الحالية. من ناحية ثانية، فإن جلسات المجلس الأخيرة، وكما حصل في الجلسات السابقة عكست التفاعل الوثيق بين الحكومة من ناحية والمجلس من ناحية أخرى. كما عكست المناقشات التي أجريت خلال تلك الجلسات حرص الوزراء على الرد على كل تساؤلات أعضاء المجلس بشكل مفصل ومرفق بالدراسات والبيانات. وثمة جانب آخر يعكس طبيعة هذا التواصل الحاصل بين الطرفين، فتوصيات المجلس الوطني باتت تنقل إلى الحكومة بشكل منظّم، حيث تعكف الوزارات المعنية على دراستها وتبادر إلى اتخاذ التوصيات والقرارات المناسبة بشأنها. وفي هذا الشأن، فقد تمّ اعتماد تنفيذ معظم التوصيات التي رفعها المجلس إلى الحكومة في جلسات سابقة. ولا شك في أن هذا التفاعل الوثيق الذي يقوم به "المجلس الوطني الاتحادي" وطبيعة العلاقة القائمة بينه وبين الحكومة؛ هذان الأمران، يؤكدان التطور الحادث في دور المجلس وما تشهده الحياة البرلمانية في الدولة من تطور باتجاه تكريس دور المجلس كمؤسسة تشريعية في النظام السياسي. ولعل هذا التفاعل يؤشر من ناحية أخرى على جدية أعضاء المجلس في السعي نحو اكتساب المزيد من الصلاحيات التي تمكّنه من تدعيم دوره على الصعيدين التشريعي والرقابي، وهذا أمر يحسب بلا شك لأعضاء المجلس الذين وظفوا ما لديهم من صلاحيات حالية للتفاعل بشكل إيجابي مع القضايا الرئيسية التي تهمّ الدولة والمجتمع. إن المجلس الوطني الاتحادي يمر من خلال فصله التشريعي الحالي، في مرحلة انتقالية هي عبارة عن جسر بين دوره الحالي والدور المنشود، نحو تفعيل الدور التمثيلي للمجلس الوطني، وذلك على النحو الذي يكفل نقلة نوعية في الحياة البرلمانية.