رغم حقيقة أن فتح باب الترشيح للانتخابات الجديدة في الكويت سيتم غداً الاثنين 14/4/2008، إلا أن بوادر التأزيم بدأت تظهر على الساحة السياسية... ولم يستفد المرشحون من الأزمات السابقة، أو يلاحظوا أن نجاح أي تجربة ديمقراطية يكمن في الحوار العقلاني والتفاوضي بشأن الأسس التي يجب أن تحكم الانتقال السلمي من مرحلة إلى أخرى. ما يحدث في الكويت اليوم من استمرار التأزيم واحتمالات الحل غير الدستوري، يعود بالدرجة الأولى إلى محاولة بعض السياسيين السابقين والمرشحين الحاليين إثارة مواضيع تأزيم قديمة في الحملة الانتخابية الجديدة. النائب السابق والمرشح الحالي أحمد السعدون هاجم الحكومة واتهمها بعدم الإيمان بالديمقراطية والمشاركة الشعبية، لأنها لم تبادر منذ زمن إلى إعادة النظر في موضوع الدوائر الانتخابية، وطالب السعدون بجعل الكويت دائرة واحدة لتفادي الانتخابات الفرعية وشراء الأصوات وكل السلبيات السابقة... كما طالب بإشهار الأحزاب السياسية. ويؤيد السعدون في أطروحاته النائبان السابقان عبدالله النيباري ومسلم البراك. الإشكالية في مطالب المرشحين والنواب السابقين، تكمن في حقيقة أنهم هم الذين طالبوا بمقترح الدوائر الخمس، وعندما رفضته الحكومة في حينه أدى إلى تجمع النواب الـ29 وحملتهم المطالبة بتغيير الدوائر التي قادها السعدون في مايو 2006 والتهديد باستجواب رئيس الوزراء، مما أدى إلى حل مجلس الأمة، وبعد عودة المجلس وافق النواب بالإجماع على قانون الدوائر الخمس. الآن وقبل أن يتم العمل بالدوائر الخمس، يطالب نفس النواب السابقين برفضه، وتحويل الكويت إلى دائرة واحدة. يعرف المرشحون (النواب السابقون) بأن طلبهم لن تقبله الحكومة لأن ذلك يتطلب تأجيل الانتخابات. مطالبة السياسيين والحركات الحزبية الإسلامية بإقرار قيام الأحزاب السياسية في الكويت الآن، يثير العديد من التساؤلات المشروعة، منها على سبيل المثال: هل الكويت فعلاً بحاجة إلى أحزاب سياسية؟ وهل لعبت التجمعات والقوى الموجودة دوراً بارزاً في تعزيز الحريات والعمل الديمقراطي حتى يتم إعطاؤها الشرعية؟ وما مدى فعالية المجلس في ظل هذه التجمعات السياسية؟ وماذا عن القبائل والطوائف، هل يمكن تحويلها إلى أحزاب؟ وهل هنالك إمكانية للسماح بتأسيس أحزاب على أسس دينية؟ وهل البيئة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية مواتية للتطور الحزبي، بمعنى آخر هل يمكن للأحزاب والحركات السياسية أن تنمو في بيئة تقليدية محافظة لا يزال فيها الولاء للعائلة والقبيلة والطائفة أقوى من الولاء للدولة والوطن؟ يعرف المرشحون من النواب أن المطالبة بجعل الكويت دائرة واحدة أمر مستحيل، لأن الدائرة الواحدة تتطلب وجود أحزاب وتجمعات سياسية والنزول للانتخابات حسب اللوائح والمجموعات. ما يتم طرحه من قضايا قديمة الهدف منه هو دغدغة مشاعر الناس البسطاء وتصوير الأمور بسطحية مفرطة، فشراء الأصوات والانتخابات القبلية والفساد ونقل الأصوات، كلها أمور موجودة في انتخابات العشر دوائر والخمس دوائر والعشرين دائرة.. ويعود سببها إلى ضعف الثقافة الديمقراطية وغياب البيئة الديمقراطية الحاضنة لكل التناقضات. يبدو أن أهل الكويت لم يتعلموا من دروس الديمقراطية في العالم رغم تكرر الأزمات.