أوباما: تحديات على الطاولة في البيت الأبيض... وموجة تفاؤل في الكريملن انتخاب أول رئيس من أصل أفريقي في الولايات المتحدة، وتجاذبات العلاقات الروسية-الأميركية، وتجدد الاقتال في شرق الكونجو... مواضيع ثلاثة نستعرضها بإيجاز ضمن قراءة سريعة في الصحافة الدولية. أخيراً... أوباما رئيساً: "حدث تاريخي"، "الحلم الأميركي بات حقيقة"، "انتصار الأمل"... عبارات تكررت في افتتاحيات مختلف صحف العالم بعد الحدث التاريخي حقاً المتمثل في انتخاب أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة عقب الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الثلاثاء الماضي وأسفرت عن فوز المرشح "الديمقراطي" باراك أوباما الذي أصبح بذلك الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة. صحيفة "ذا هيندو" الهندية ركزت ضمن افتتاحية عددها لأمس الخميس على العوامل التي ساهمت في فوز أوباما، واعتبرت في هذا الإطار أن الأميركيين أظهروا من خلال نتيجة انتخابات الرابع من نوفمبر أنهم قرروا وضع "التركة المخزية" للعنصرية وراءهم، وعزت أسباب نجاح أوباما إلى الذكاء السياسي الذي أظهره طيلة الحملة الانتخابية، وحملة منظمة تنظيماً جيداً اعتمدت على الوسائل التكنولوجية الحديثة مثل الإنترنت لنشر خطابها والتواصل مع قاعدة الناخبين، وجيش متعدد الأعراق من المتطوعين الشباب، وتبرعات قياسية بفضل المساهمة الواسعة للأميركيين العاديين من الطبقة الوسطى في التبرع بمبالغ لم تتعد متوسط الثمانين دولاراً، إضافة إلى إيمان جيل جديد من الناخبين الشباب المتحمسين والتواقين إلى تغيير اجتماعي سياسي بشعار التغيير الذي كان يرفعه أوباما. أما صحيفة "تورونتو ستار" الكندية فاعتبرت أن منح الأميركيين، ليس البيت الأبيض فقط، وإنما الكونجرس أيضاً بمجلسيه، لـ"الديمقراطيين" إنما يعكس مدى إحباطهم واستيائهم من إيديولوجية "المحافظين الجدد" التي هيمنت على حياتهم منذ فوز الرئيس رونالد ريجان بالرئاسة عام 1980؛ حيث ترى أن انتخابات يوم الثلاثاء الماضي تشير إلى تطلع الأميركيين إلى عهد سياسي جديد، وإلى أنهم ضاقوا ذرعاً بسياسات إدارة بوش التي "نزعت إلى إيديولوجيا عُرفت بعدم اكتراثها بالأمم المتحدة، وتفضيلها لسياسات الصقور الأحادية، وإيمانها بأن صغر الحكومة وحرية الأسواق وخفض الضرائب هي الحل لكل مشكلة، إضافة إلى الإنفاق العسكري الضخم". وحول الموضوع نفسه كتبت صحيفة "ذا أستراليان" الأسترالية التي ركزت ضمن افتتاحية عددها لأمس الخميس على التحديات التي تنتظر الرئيس الرابع والأربعين، وفي مقدمتها الاقتصاد "الذي يوجد في حالة هي أسوأ ما يمكن أن يواجهه أي رئيس منتخب منذ روزفلت في 1933". وفي هذا الإطار قالت الصحيفة إن نحو 760 ألف أميركي فقدوا وظائفهم هذا العام، وإن العجز المتوقع في الميزانية العام المقبل يناهز تريليون دولار، مذكرة بأن عدوى الأزمة المالية انتقلت إلى بقية العالم، حيث يُتوقع أن يكون الركود "عميقاً ومؤلماً" في أوروبا؛ غير أنها اختتمت افتتاحيتها بالقول إن فوز أوباما يؤكد مجدداً "إيماننا بالولايات المتحدة كدولة لها قدرة كبيرة على تصحيح الذات". أميركا وروسيا... حدود التجاذب: صحيفة "ذا موسكو تايمز" الروسية نشرت ضمن عددها لأمس الخميس مقالًا للمحلل السياسي الروسي يفجيني كيسلوف علق فيه على مشاعر الفرح والحماس التي سادت -كما يقول- أوساط النخبة الروسية بعد فوز باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مشاعر قال إنها تنم عن عدم الثقة في النفس وجهل لكيفية اشتغال النظام السياسي الأميركي. وحول تفاؤل النخبة في روسيا من الرئيس الأميركي الجديد، قال كيسلوف إن هؤلاء المتفائلين قد يقولون إن علاقات روسيا بالولايات المتحدة ستكون أفضل حالًا في عهد أوباما، وخاصة في ما يتعلق بمعاملة روسيا معاملة الند للند، ووقف انتقاد السلطات الروسية بسبب خروقات حقوق الإنسان وانتهاك قواعد ومبادئ ديمقراطية أخرى، والاعتراف بأن أوكرانيا وجورجيا تقعان ضمن منطقة نفوذ روسيا. غير أنه اعتبر أنه من المستبعد جداً أن يكون أوباما أكثر تساهلًا بخصوص هذه المواضيع من ماكين. وفي هذا السياق قال كيسلوف إن حقيقة أن أوباما تمكن من الانتصار على كل من هيلاري كلينتون وجون ماكين -وكلاهما له وزن ثقيل في السياسة الاميركية ويحسب له ألف حساب- تدل على أنه ليس سياسياً ضعيفاً أو ساذجاً، مثلما قد يتخيل البعض. هذا بالإضافة إلى أن نائبه هو جو بايدن كما أن فريقه للسياسىة الخارجية يضم أشخاصاً مثل ريتشارد هولبروك ومايكل ماكفول. غير أن الكاتب توقع تحسن العلاقات الروسية-الأميركية، ولكن ليس خلال الفترة التي يصل فيها مرشح موالٍ لروسيا إلى البيت الأبيض، وهو أمر لن يحدث أبداً لأن الساسة هناك موالون للولايات المتحدة فقط، كما يقول. "الكونجو... المشتعلة": تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "جابان تايمز" اليابانية افتتاحية خصصتها للتعليق على تجدد الاقتتال في شرق الكونجو بين القوات الحكومية والمتمردين بقيادة الجنرال المنشق لوران نكوندا، اقتتال أدى إلى معاناة إنسانية تمثلت في اضطرار نحو مليون شخص إلى النزوح عن مناطقهم، وهو ما كشف عن عدم فعالية قوات حفظ السلام الأممية الموجودة هناك. وخطورة الوضع، حسب الصحيفة، تكمن في احتمال اتساع رقعته بدخول رواندا المجاورة في الحرب ضد الكونجو؛ وذلك لأن الجنرال نكوندا يقاتل من أجل الدفاع عن التوتسي، والحكومة الرواندية تدعمه لأن الكثير من الهوتو الذين قتلوا نحو 800 ألف شخص في مذابح جماعية في رواندا عام 1994 فروا إلى غابات الكونجو بعد أن هُزموا أمام خصومهم التوتسي، وهناك قاموا بإعادة تنظيم صفوفهم واستعملوا المناطق الحدودية كقاعدة لشن هجمات على الحكومة في بلادهم. واليوم، تقول الصحيفة، أضحى نكوندا أكثر طموحاً حيث يقول إنه لم يعد يريد حماية التوتسي فحسب، وإنما تحرير كل الكونجو أيضاً. وقد أجبرت أحدث هجماته على محيط مدينة "جوما" القوات الحكومية على الاستسلام بسرعة والانضمام إلى نحو مليون لاجئ مدني، وهو ما تسبب في أزمة إنسانية خطيرة. وحسب الصحيفة، فإن وجود قوات حفظ السلام الأممية لم يكن له أي تأثير، وهذا ليس مفاجئاً على اعتبار أن أقل من ثلث القوات البالغ عددها 17000 جندي منتشرون في منطقة النزاع ويتولون مهام حماية المدنيين، ونزع أسلحة المتمردين، وحفظ الأمن والنظام في المناطق العازلة التي تفصل المتمردين والحكومة، وهي مهمة شبه مستحيلة، بغض النظر عن حجم الوحدات. إعداد: محمد وقيف