"زافير" يهدد حرية التجارة... وتحذير من الإرهاب البيولوجي هل أخطأ أوباما بترشيحه "زافير بيكيرا" لوزارة التجارة؟ وما هي أولويات الأمن الداخلي عند "جانيت نابوليتانو"؟ وكيف تستفيد واشنطن من "التعددية"؟ وماذا عن دور أوباما المرتقب في الحرب المكسيكية على المخدرات؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. "اختيار سيئ": هذا ما أرادت "لوس أنجلوس تايمز" الإفصاح عنه في افتتاحيتها المنشورة يوم أمس، لتعبر عن استيائها من اختيار "زافير بيكيرا" عضو مجلس النواب "الديمقراطي" في منصب وزير التجارة. فتحت عنوان "بيكيرا اختيار سيئ لمنصب وزير التجارة"، وصفت الصحيفة الرجل بأنه من أنصار "الحمائية" في السياسة التجارية، وهذا آخر ما تحتاجه أميركا في الوقت الراهن، فـ"بيكيرا" يُعد "زعيم تيار الحمائية" في الحزب "الديمقراطي"، لكونه يعارض الـ"نافتا"- اتفاقية التجارة الحرة في أميركا الشمالية- ويعارض تدشين اتفاقية للتجارة الحرة بين واشنطن وجمهورية الدومنيكان، وغيرهما من الاتفاقيات التجارية. صحيح أن حرية التجارة تزعج كثيراً من "الليبراليين"، لكونها قد تنقل وظائف الأميركيين إلى بلدان أخرى، لكن المنافع المترتبة على حرية التجارة، أكثر من الأضرار المترتبة عليها. والتاريخ يلفت انتباهنا إلى أن الحمائية هي آخر ما يمكن اللجوء إليه أثناء الأزمات الاقتصادية، فالكونجرس الأميركي أصدر عام 1929- إبان الكساد الكبير- مرسوماً برفع التعرفة الجمركية، في محاولة للحفاظ على فرص العمل داخل الولايات المتحدة، والنتيجة أن الأزمة الاقتصادية استفحلت على الصعيد العالمي. "أولويات الأمن الداخلي": اختارت "واشنطن بوست"، هذه العبارة عنواناً لافتتاحيتها المنشورة يوم الأربعاء الماضي، قائلةً إن اختيار "جانيت نابوليتانو" حاكمة ولاية أريزونا في وزارة الأمن الداخلي، اختيار طموح. وإذا تم تأكيد هذا الاختيار، فإن الرئيس المنتخب باراك أوباما، سيكون قد أثرى السجال الدائر حول معضلة الهجرة بمدع عام سابق في ولاية حدودية، وهو ما تراه الصحيفة مفتاحاً لإنجاز خطة أمن الحدود في وزارة الأمن الداخلي. لكن علينا ألا ننسى أن السبب في تدشين هذه الوزارة هو هجمات 11 سبتمبر، أي أن مكافحة الإرهاب، مهمتها رقم واحد ولابد أن تبقى كذلك. وحسب الصحيفة، جاءت هجمات مومباي لتذكر بخطورة الإرهاب، والأمر نفسه بالنسبة لتقرير صدر الثلاثاء الماضي عن لجنة ثنائية الحزبية معنية بمكافحة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، يشير إلى أن استخدام أسلحة الدمار الشامل بات محتملاً، وأنه خلال السنوات الخمس المقبلة سيتم استخدام هذا النوع من السلاح في منطقة ما من العالم. وتضمن التقرير، الذي أشرف على إعداده السيناتور "الديمقراطي" السابق "بوب جراهام" والسيناتور "الجمهوري" السابق "جيم تالينت"، تحذيراً مهماً لقادة الولايات المتحدة مفاده أن هامش الأمان لا يزداد بل يتقلص. التقرير تضمن رصداً لبعض التقدم في مجال تأمين الأسلحة والمواد النووية، لكنه أشار إلى أن "الإرهاب البيولوجي هو أكبر تهديد محتمل"، وحث الإدارة الأميركية المقبلة على وضع مكافحة الإرهاب البيولوجي على رأس أولوياتها. ودعا التقرير وزارة الصحة إلى تشديد الرقابة على 400 وحدة بحوث يعمل بها 15 ألف شخص، ويتدالون خلالها مواد خطرة، وطالب الكونجرس الجديد بتطبيق استراتيجية لمواجهة أية هجمات بالانثراكس تتضمن خطة ناجعة لتوصيل الأدوية. تأكيد اختيار "نابوليتانو" سيكون فرصة لمناقشة الثغرات الموجودة في الأمن الأميركي وكيفية علاجها، وسيتيح الفرصة لها أيضاً كي توضح مدى جاهزية الولايات المتحدة لمنع أو الاستجابة لهجوم إرهابي جديد على الأراضي الأميركية. "كئيب لكن لا يعني النهاية": بهذه العبارة، وصفت "نيويورك تايمز" التقرير الصادر عن "المجلس القومي للاستخبارات"، والذي حمل عنوان "الاتجاهات العالمية 2050: عالم متحول"، والذي تضمن أموراً من بينها أن الولايات المتحدة ستفقد هيمنتها على العالم، وأن الصين والهند قوى صاعدة، وأن المنافسة على مصادر المياه والطاقة والغذاء في العالم ستحتدم. وحسب الصحيفة، فإن أوباما ورث عالماً أكثر تعقيداً مما كان عليه عندما استلم جورج بوش السلطة عام 2001. وحسب الصحيفة، فإنه منذ نهاية الحرب الباردة، والمحللون يتنبأون بظهور تعددية قطبية، وهذه التعددية الهزيلة -حسب الصحيفة- هي ما تعهد ديك تشيني وبول وولفوفيتز بمنعها، والحيلولة دون وجود حلفاء أوروبيين لواشنطن يطمحون في منافسة القوة الأميركية. لكن هذا المنطق أضعف الولايات المتحدة، وأوجد لها أعداء جدداً، وجعل من الصعب عليها كسب تعاون الآخرين في قضايا مهمة كالحرب على "طالبان" و"القاعدة" في أفغانستان. وإذا كان ثمة درس يجب تعلمه من السنوات الثماني الماضية، فهو أنه لا جدوى من التنمر على الدول والتعامل مع الآخرين بمنطق المباريات الصفرية. الصحيفة ترى أن منح القوى الدولية الصاعدة دوراً أكبر في مجلس الأمن -مثلاً- سيساعد على إقناع تلك القوى بتحمل المزيد من المسؤولية تجاه مشكلات كالتغير المناخي والإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل وأمن الطاقة. وإذا كانت ثمة حكمة تقليدية مفادها أن القرن الحالي قرن الصين والهند، فإن هذا السيناريو يواجه مشكلات اقتصادية وديموغرافية خطيرة، إضافة إلى تحدي الإرهاب الذي ظهر في هجمات مومباي الأخيرة، كما أن التراجع النسبي في قوة الولايات المتحدة لا يعني أن أميركا لن تبقى قوية، لأن هذا البلد يستطيع أن يقود، ولابد أن يواصل قيادته للعالم، مما يتطلب قرارات سريعة وصائبة. "التماس من المكسيك": تحت عنوان "المكسيك تتمنى من أوباما أن يضع حداً لاستهلاك المخدرات"، نشرت "كريستيان ساينس مونيتور" يوم الأربعاء الماضي افتتاحية، سلطت خلالها الضوء على معضلة المخدرات في المكسيك، فمنذ عامين يشن الرئيس فيليب كالديرون حرباً على بارونات المخدرات، ونشر 200 ألف جندي وكرس إمكانات بلاده لمحاربتهم، وخسر خلال هذه الحرب 6 آلاف جندي، أي أكثر من خسائر الولايات المتحدة في العراق. الآن يقول "كالديرون" إنه لا يستطيع الانتصار في حربه ما لم تبذل الولايات المتحدة المزيد من الجهود لوقف إدمانها المخدرات، ويبدو أن "كالديرون" ليس وحده في مطالبة الولايات المتحدة بالتعاون في هذه لحرب، بل إن سفير واشنطن في المنكسيك "توني جارزا" قال إن العنف المرتبط بتجارة المخدرات في المكسيك لن يكون مرتفعاً بهذه الدرجة، لولا أن الولايات المتحدة هي أكبر مستهلك للمخدرات التي يتم تهريبها من المكسيك، إضافة إلى كونها أكبر مورد للأسلحة التي تستخدمها عصابات المخدرات. ويتعين على الأميركيين القلق من أن تمتد الحرب على المخدرات عبر الحدود لتطال عشرات المدن الأميركية. وحسب الصحيفة، وصلت حصيلة ما يبيعه تجار المخدرات في المكسيك للأميركيين (من المارجوانا والكوكايين والهيرون) في العام إلى 13.8 مليار دولار. إدارة بوش تعاونت مع المكسيك في إطار تعزيز مؤسسات فرض القانون، وذلك ضمن مبادرة "ميردا" التي تهدف لمساعدة المكسيك ودول أميركا الوسطى في محاربة عصابات المخدرات، الآن يحتاج أوباما إلى التعامل مع المشكلة لكونها تتعلق بصحة الأميركيين، ومن ثم يجب أن تتحول الحرب الأميركية على المخدرات إلى حرب أميركية على الإدمان. إعداد: طه حسيب