لا شكّ في أن نظام تعرفة "أجرة"، الذي أطلقته دائرة النقل في أبوظبي، مؤخراً، بخصوص رسوم استخدام الحافلات العامة، والذي سيبدأ تنفيذه من منتصف شهر فبراير الجاري، يقدّم دفعة قوية لنظام المواصلات العامة في الإمارة ويشجّع على استخدامها بما يقدّمه من تسهيلات وميزات كبيرة أهمّها الرسوم المنخفضة جداً التي تصل إلى حدّ المجانية في مقابل استخدام الحافلات، وطرح العديد من البدائل التي توسّع من دائرة الخيارات أمام المستخدمين فيما يتعلّق بطريقة الدفع. فوفقاً لتعرفة "أجرة" يتم دفع درهم واحد مقابل الرحلة الواحدة، وثلاثة دراهم مقابل عدد غير محدود من الرحلات على مدى يوم كامل، وأربعين درهماً لعدد غير محدود من الرحلات خلال شهر كامل. وسيتم تمديد فترة الاستفادة المجانية للبطاقة الشهرية لمدة أسبوعين إضافيين إذا تمّ شراؤها في الخامس عشر من فبراير الجاري. هذا التنوّع في الخيارات يشجّع أكبر عدد ممكن من الناس على استخدام الحافلات العامة، لأنه يتعامل مع التباينات في ظروفهم الوظيفية والاجتماعية وتفاوت حاجتهم للنقل العام على مدى اليوم أو الشهر. ولا يتوقف الأمر عند حدّ تعدّد الخيارات وانخفاض قيمة التعرفة بشكل كبير، وإنما يمتدّ إلى إعفاء ذوي الاحتياجات الخاصة من دفع رسوم ركوب الحافلات العامة، وهذا يشجّع هذه الفئة على استخدامها. لقد دعت دائرة النقل في أبوظبي مالكي السيارات في الإمارة إلى التخلّي عن استخدام سياراتهم ليوم واحد شهرياً والاعتماد بدلاً من ذلك على الحافلات العامة، وذلك في مبادرة أطلقت عليها اسم "تحقيق الانسيابية في مرور أبوظبي"، وهي مبادرة على قدر كبير من الأهميّة والحيويّة، ومن الضروري متابعتها وتنشيطها لأنها تسهم، في حال تطبيقها، في تحقيق هدفين مهمّين: أولهما، تغيير الصور النمطية المغلوطة والسلبية التي قد تكون عند بعضهم عن المواصلات العامة، حيث ستتاح لهم فرصة تعرّفها على الواقع عند استخدامها. الهدف الثاني هو إحداث تغيير ثقافي لمصلحة استخدام المواصلات العامة، حيث إن أحد أهم أسباب العزوف عن هذا الاستخدام هو الاعتبار الثقافي الذي يقصر هذه المواصلات على فئات معيّنة ويربطها بمعانٍ غير إيجابية تنفّر منها. في ظلّ الازدحام المروري الذي أصبحت تعانيه أبوظبي ويسبّب الكثير من المشكلات والارتباكات، فإن المواصلات العامة غدت بديلاً مهماً وخياراً أساسياً في أي استراتيجية متكاملة لمواجهة هذا الزحام أو معالجته، ويمثّل نظام تعرفة "أجرة" السابق الإشارة إليه، بالنظر إلى ميزاته العديدة، خطوة مهمّة ومتقدّمة على طريق دعم المواصلات العامّة، ومن الضروري الاستمرار في مسار الدعم والتطوير على مستويات مختلفة خلال الفترة المقبلة مثل زيادة عدد الحافلات بما يكفي الطلب عليها، خاصّة مع التوقّعات التي تشير إلى أن الاتجاه إلى استخدام المواصلات العامة يمكن أن يتصاعد خلال الفترة المقبلة سواء بسبب التسهيلات التي تقدّمها أو بسبب مشكلات الزحام المروري، ولا شكّ في أن التزام النظام والنظافة داخل الحافلات، وزيادة عدد المحطات الثابتة الخاصة بها، هي أيضاً عوامل تساعد على تشجيع الناس على استخدامها. لأسباب عديدة، أصبح قطاع غير قليل من الناس مستعداً لاستخدام المواصلات العامة، وهذه فرصة كبيرة لها للتوسّع والتطوير، خلال الفترة المقبلة، وبالفعل اتخذت خطوة مهمّة على هذا الطريق عبر نظام تعرفة "أجرة"، فيما تنتظرها خطوات. ــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.