نجاح كوسوفو مسؤولية أوروبية... وإعادة تحديد الأهداف في المهمة الأفغانية كيف يمكن توصيف موقف الاتحاد الأوروبي تجاه كوسوفو؟ وهل يمكن لأستراليا الاستفادة من جولة هيلاري الآسيوية؟ وماذاعن أصداء رؤية أوباما للأهداف الأميركية في أفغانستان؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. النجاح في كوسوفو: "مارتي أتيساري"رئيس فنلندا السابق والحائز على نوبل للسلام عام 2008 و"وولفجانج إيشنجر" رئيس مؤتمر ميونخ للأمن و"البيرتو روهان"الأمين العام السابق للخارجية النمساوية، كتبوا يوم الثلاثاء الماضي مقالاً في "جابان تايمز" حمل العنوان التالي "النجاح في كوسوفو مسؤولية أوروبا"، وفيه أشاروا إلى أن كوسوفو أعلنت في 18 فبراير 2008 استقلالها، وحظيت حتى الآن باعتراف أكثر من 50 دولة، ولم يترتب على تلك الخطوة أعمال عنف عرقي، ولم يتعرض الصرب داخل الإقليم لعمليات نزوح قصري، وذلك على عكس التنبؤات السائدة. الاقتراح الشامل لتسوية الوضع في كوسوفو، والذي عرف بـ" خطة أتيساري"، والتي من خلالها يخضع استقلال الإقليم للإشراف الدولي قد تم تنفيذها، كما تم نشر بعثة مدنية تابعة للاتحاد الأوروبي. ولسوء الحظ لا نستطيع طي صفحة الصراعات التي أدت إلى مآس كثيرة وتسببت في حالة من عدم الاستقرار في البلقان دامت فترة طويلة، فصربيا تصر على عدم الاعتراف بالواقع الجديد، وتقاوم وترفض كل ما من شأنه تطبيع العلاقات مع كوسوفو. وبأوامر من الحكومة الصربية في براغ رفض "صرب كوسوفو" الذين يشكلون 5 في المئة من سكان الإقليم التعاون مع حكومة كوسوفو وبعثة الاتحاد الأوروبي، وهم بذلك- أي صرب كوسوفو- يرفضون ممارسة حقوقهم حسب "خطة أتيساري" والتي تضمن لهم حياة آمنة وطبيعية. على الصعيد الدولي، فإن صربيا تتلقى دعماً كبيراً من روسيا، التي تعرقل دخول كوسوفو عضواً في الأمم المتحدة وفي غيرها من المنظمات الإقليمية والدولية. لكن على القادة الديمقراطيين في صربيا أن يتفهموا أن ما يرونه "فقداناً" لكوسوفو قد بات أمراً لا يمكن التراجع عنه، وهل يمكن اعتبار مد العون إلى الدولة الناشئة وتحويل العداء إلى صداقة وتأمين الوجود الصربي في الإقليم تصرفاً يفتقر إلى الحكمة؟ كوسوفو مشكلة أوروبية في المقام الأول، والمسؤولية الأوروبية تجاه كوسوفو تحولت إلى قصة نجاح. لكن عدم قدرة الاتحاد الأوروبي على سياسة مشتركة تجاه الإقليم لم تضعف الدور الأوروبي على الصعيد الدولي فقط، بل أصبحت أيضاً عقبة رئيسية لتمرير السياسات داخل كوسوفو... إن البلدان الخمسة التي تواصل رفضها الاعتراف بكوسوفو عليها إدراك أن موقفها يشجع الصرب على رفض التعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي. ومن خلال موقف أوروبي موحد متبوع بإشارة مفادها أن قبول صربيا عضواً في الاتحاد الأوروبي لن يتم البت فيه قبل أن ينتهي الصراع داخل البلقان. كوسوفو بحاجة أولاً إلى رؤية أوروبية واضحة، وثانياً إلى عون لا يتردد في مواجهة التهديدات التي يتعرض لها الاقليم، وحتى الآن لا يوجد أي من هذين الأمرين. مطلوب جار جيد: في مقالها المنشور أمس بـ"سيدني مورنينج هيرالد" الأسترالية، وتحت عنوان "بيونج يانج في حاجة إلى جار جيد"، علقت "سينثيا بانهام" على جولة هيلاري كلينتون الآسيوية، قائلة: إن هذه الجولة تحمل دروساً لأستراليا في مسألة إدارة التحالفات، خاصة ما يتعلق بسهولة تجنب الإساءة لحليف أساسي. وزيرة الخارجية الأميركية توجهت إلى اليابان قبل الصين، ووجهت دعوة لـ"تارو آسو" لزيارة واشنطن ليكون أول مسؤول أجنبي يلتقي الرئيس الأميركي. أما أستراليا، فلم تتعامل مع اليابان على طريقة هيلاري، بل على العكس وجه "ستيفن سميث" وزير الخارجية الأسترالي، فخصص أول مؤتمر صحفي خاص بمكافحة صيد الحيتان للهجوم على اليابان، ثاني أكبر اقتصاد في العالم. اللافت أيضاً أن رئيس الوزراء الأسترالي "كيفين رود" قام بجولة خارجية استغرقت 18 يوماً زار خلالها الصين ولم يتوقف في اليابان. وبالنسبة لإدارة أوباما، فإنها حريصة على طمأنة اليابانيين بأنهم الحليف رقم 1 لواشنطن في شرق آسيا، وزيرة الخارجية الأميركية زارت الصين بعد أن توقفت في إندونيسيا وكوريا الجنوبية، ضمن جولة حملت معها رسائل مهمة من بينها، أولاً: أوباما جاد عندما يقول إن إدارته ستعامل حلفاءها وأصدقاءها باحترام ولا تستخف بهم، وثانياً: أن أميركا ترسم مستقبلها الاقتصادي والاستراتيجي في شرق آسيا. حكومة "رود" يمكنها الاستفادة من جولة هيلاري لا سيما اهتمامها بكوريا الشمالية التي يُقال إنها تجهز لتجريب صاروخ طويل المدى. الكاتبة، وهي محررة دبلوماسية، أكدت أهمية دور اليابان في التعامل مع كوريا الشمالية، خاصة في المساعدات المالية المطلوبة لبيونج يانج في حال تخلت عن أسلحتها النووية، لكن طوكيو تصر على إدراج ملف مواطنيها المختطفين في كوريا الشمالية منذ السبعينيات والثمانينيات، ضمن أجندة المحادثات السداسية. أستراليا تلعب دوراً هامشياً في ملف كوريا الشمالية، فهي ليست عضواً في السداسية الدولية، لكنها تستطيع لعب دور مساند لإدارة أوباما في التعامل مع كوريا الشمالية. فلدى أستراليا علاقات دبلوماسية مع بيونج يانج، ولكنها تحتاج إلى تدشين علاقات تعاون مع كوريا الشمالية في مجالات الطاقة والتدريب. كما أن تكلفة التعاون مع بيونج يانج أقل من إرسال مزيد من القوات الأسترالية إلى أفعانستان. إعادة تعريف الدور: في مقاله المنشور بـ"تورونتو ستار" الكندية، يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان "أوباما يعطي كندا فرصة لإعادة تعريف دورها في أفغانستان"، كتب "هارون صدّيقي" مقالاً أشار خلاله إلى أن أوباما يعلم أنه بعد ثماني سنوات من الحرب في أفغانستان، "لا يزال الهدف غير واضح، وذلك لا نعرف ماهيته". الرئيس الأميركي أخبر وسائل الإعلام قبيل زيارته لكندا بأنه يرغب في تطوير استراتيجية شاملة تجاه أفغانستان مع رئيس الوزراء الكندي، تنال رضا الشعب الكندي. وقال أوباما : (من المهم أن يتولد شعور لدى الكنديين بأن ما نفعله في أفغانستان مفيد). الكاتب يرى أن الكنديين ليس لديهم هذا الشعور، وأغلبهم فقد منذ شهور الثقة في مهمة بلدهم داخل أفغانستان. الرئيس الأميركي يعي جيداً أهمية الدعم الشعبي للحرب، وهو في هذه الناحية يتفوق على ستيفن هاربر. وحسب الكاتب، أعاد أوباما تعريف وتحديد أهداف مهمة الولايات المتحدة في أفغانستان وهي: الحد من قدرة "القاعدة" على شن هجمات ضد الولايات المتحدة، والحد من تطرف "طالبان"وغيرها. أوباما تطرق إلى ضرورة التنسيق العسكري والدبلوماسي، وفي مجال المساعدات التنموية، فهو يرغب في تصحيح الوضع في باكستان من أجل إصلاح أفغانستان، وجلب إيران والهند إلي المعادلة. الكاتب لفت الانتباه إلى أن مشكلات أفغانستان انتقلت إلى باكستان، فالمتمردون في هذه الأخيرة بدأووا يكسبون أرضاً لصالحهم على حساب الحكومة المركزية، والاضطرابات لم تعد محصورة في المناطق الحدودية – بين أفغانستان وباكستان- بل انتشرت صوب المناطق المكتظة بالسكان. وحسب الكاتب، فإن موقف كندا تجاه أفغانستان، بات واضحاً: مطالبة واشنطن بإشراك كندا في المراجعة الاستراتيجية للوضع في باكستان وأفغانستان، وكسب ود الجنرال "جيمس جونز" مستشار الأمن القومي الأميركي الذي رافق أوباما في زيارته الأخيرة لكندا، فهذا الرجل سينسق التقارير النهائية الخاصة بأفغانستان، وسيقدمها للرئيس الأميركي. وتحديد المبادرات الدبلوماسية والتنموية والمشروعات المدنية التي تستطيع كندا المساهمة فيها. وباختصار على كندا تحديد الدور الذي يتعين عليها فعله حتى فبراير 2011 وإلى ما بعد هذا الموعد. إعداد: طه حسيب