في شهر نوفمبر من عام 2007 أصدر صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 لسنة 2007، بتعديل بعض أحكام القانون الاتحاديّ رقم 8 لسنة 1980، في شأن تنظيم علاقات العمل، حيث تضمّن العديد من العقوبات على كلّ من يسهّل وجود أجانب بشكل غير شرعيّ في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، وذلك بهدف القضاء على ظاهرة المتسلّلين والعمالة السائبة وغير الشرعيّة، فقد نصّ على غرامة قدرها خمسون ألف درهم على كل صاحب منشأة استخدم أجنبياً على غير كفالته، أو لم يقم بتشغيله، أو تركه يعمل لدى الغير دون الالتزام بالشروط والأوضاع المقرّرة لنقل الكفالة، أو دون الحصول على التصريح اللازم، ويعاقب بالحبس لمدة لا تقلّ عن شهرين، والغرامة مائة ألف درهم، كلّ صاحب منشأة استخدم أو آوى متسللاً. ومؤخراً أصدرت محكمة بني ياس الابتدائيّة، حكماً بتغريم مواطن مبلغ مليونين وأربعمائة ألف درهم، وحبسه أربعة أشهر بسبب إدانته بإيواء 24 متسللاً، وتمكينهم من الإقامة في الدّولة بشكل غير شرعي. هذا الحكم الرّادع بالغرامة الكبيرة التي قرّرها، ينطوي على رسالة مهمّة هي أن الدولة لم ولن تتهاون في ملاحقة كل من يؤوي المتسللين، أو يساعدهم على الإقامة في البلاد بشكل غير شرعي، لأنه من دون من يؤويه لن يكون بمقدور المتسلّل البقاء في الإمارات، أو التخفّي عن أعين أجهزة الأمن، فضلاً عن ذلك، فإنّ هذا الحكم يمثل جرس إنذار قوياً لكلّ من يتورّط في هذا السلوك، بأنّ العقاب القويّ سوف يطوله، وأنّ الإجراءات والقوانين التي تمّ إصدارها في هذا الشأن يتم تنفيذها بجديّة كبيرة تتلاءم مع خطورة القضيّة التي تعالجها. لقد قدّمت الدولة أكثر من فرصة للعمالة غير الشرعيّة في البلاد لتعديل أوضاعها، أو مغادرة البلاد دون أيّ عقاب، كما أصدرت ما يكفي من التحذيرات لكلّ من يساعد هذه العمالة على البقاء في الإمارات بصورة غير شرعيّة، والآن جاء وقت الرّدع ومعاقبة المخالفين الذين لم يحاولوا الاستفادة من الفرص التي أتيحت لهم، ولم يأخذوا التحذيرات الحكومية بجديّة كافية. الذين يؤوون عمالة غير شرعية لا يقدّرون المخاطر الأمنية والاقتصادية والثقافية الكبيرة لها على المجتمع الإماراتيّ، فهناك الكثير من الجرائم الخطرة مثل السرقة والسّطو والتحايل على البنوك وغيرها، ترتبط في الأساس بعناصر تقيم في البلاد بشكل غير شرعيّ، هذا فضلاً عن الكثير من الظواهر السلبيّة الأخرى، خاصّة ظاهرة التسوّل التي تفاقمت بشكل لافت للانتباه خلال الفترة الأخيرة، وظاهرة الباعة الجائلين الذين يسببون الكثير من المخاطر على المستويات المختلفة. وعلى المستوى الصحي، فإنّ العمالة غير الشرعيّة تهدّد المجتمع بأمراض خطرة مثل الإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي وغيرهما، نتيجة لعدم خضوعها لإجراءات الفحص الطبي التي تخضع لها العمالة الشرعيّة، وبالتالي يكون من الصعب اكتشاف الأمراض التي تحملها. ولا شك في أنّ وجود هذه العمالة غير الشرعية يمثّل معوّقاً خطراً أمام سياسات وإجراءات معالجة خلل التركيبة السكانية والحفاظ على الهُويّة، أو بناء سياسة دقيقة تقوم على بيانات صحيحة بخصوص قضيّة العمالة. المثير في الأمر أن متابعة الكثير من الجرائم التي يتمّ ارتكابها من قبل الأجانب في الدولة، تشير إلى أنّ إيواء عمالة مخالفة لشروط الإقامة يمثلّ خطراً كبيراً على الذين يؤوونها قبل أي طرف آخر، وهناك الكثير من الأمثلة التي تؤكد هذا المعنى. ــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.