أحد معايير فاعلية الأجهزة والإدارات الحكومية هو الاستماع إلى آراء المتعاملين والمراجعين، والتفاعل البنّاء مع مقترحاتهم، وهذه القاعدة مطبّقة في كثير من الإدارات والجهات الحكومية في الدولة. ويجسّد برنامج "اهتمام"، الذي أطلقته وزارة شؤون الرئاسة في مايو 2008، هذه القاعدة بوضوح، فهو يستند إلى شكاوى الجمهور ومقترحاتهم لاستخلاص مؤشرات علمية وحقيقية لمدى كفاءة الجهات الحكومية ذات العلاقة المباشرة مع الجمهور من ناحية، وكذلك للتوصّل إلى حلول للمشكلات التي تمسّ مصلحته بشرط أن تكون المشكلة ظاهرة عامة وليست فردية. وهذا البرنامج تسعى الإدارات والهيئات المختلفة بالدولة إلى تطبيقه، وذلك بالتنسيق والتعاون مع وزارة شؤون الرئاسة، وفي هذا السياق بحثت "بلدية أبوظبي" مع وفد من برنامج "اهتمام"، مؤخراً، سبل تعزيز العمل المشترك والتنسيق بين الوزارة والبلدية من أجل التوصّل إلى أفضل الممارسات في التعاطي مع شكاوى الجمهور ومقترحاتهم، وتعريف الدائرة البرامج المطبّقة في وزارة شؤون الرئاسة. الواقع يشير فعلا إلى أن هناك جهات وهيئات عديدة في الدولة تطبّق هذا البرنامج بنجاح، وتتفاعل مع شكاوى الجمهور ومطالبهم، كـ"جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية"، الذي تجاوب في الفترة الأخيرة مع شكاوى المستهلكين في ما يتعلّق بجودة المخابز ونظافتها، وقام بتسيير حملات تفتيشية باستمرار على المخابز للتأكّد من التزامها الشروط المطلوبة. وهناك "جهاز حماية المستهلك" أيضاً، الذي يقوم بمراقبة الأسعار داخل الجمعيات والأسواق ومنافذ البيع المختلفة بالدولة؛ وذلك لإعادة الانضباط إلى الأسواق. تجاوب الهيئات والجهات الحكومية المختلفة مع شكاوى الجماهير، والتعاطي مع مقترحاتهم وتلبية متطلباتهم يحقق رؤية القيادة الرشيدة وتوجيهاتها في رفع كفاءة الأجهزة الحكومية وفاعليتها والارتقاء بمستوى الخدمات المقدّمة للشعب، وتوفير أسباب الحياة الكريمة، وتأمين سبل العيش الشريف لهم ومعالجة ما قد يعترض حياتهم من صعوبات وما يعوق استقرارهم من تحدّيات. ويقدّم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- النموذج والقدوة لذلك التفاعل الخلاّق والبنّاء مع احتياجات المواطنين والمواطنات ومطالبهم، وسرعة الاستجابة لها، وقد تجسّد ذلك التفاعل بوضوح في العديد من القرارات والسياسات، لعل أبرزها قرار سموه في يوليو 2008 بشأن وقف تنفيذ القرار التجريبي الخاص بتحويل مسار نقطة عبور "المضيف" بين منطقة البريمي ومدينة العين، وقرار سموه، في مارس الماضي، بإنشاء سدّ في "وادي شرم" في إمارة الفجيرة بعد الأمطار الغزيرة التي تساقطت على الساحل الشرقي وتسبّبت في انهيار الحواجز الرملية التي تحمي بعض المنازل القريبة من الجبال بسبب السيول. لاشكّ في أن هذه التوجيهات والقرارات تعكس اهتماماً فائقاً من جانب صاحب السمو رئيس الدولة بما يدور على أرض الواقع والتفاعل مع الأحداث بالدرجة والسرعة التي تستحق. الإحساس بنبض الجماهير والتعبير عن مشكلاتهم وقضاياهم، هو الذي ينتج حالة الحب والتقدير الشعبي للقيادة، ويضخّ شحنات الحماسة والطموح لدى المواطنين لمزيد من العمل والإنجاز، فضلا عن أنه يعمّق معاني الوطنية والولاء للوطن الذي يحمي أبناءه ويوفّر لهم الحياة الكريمة ولا يتركهم وحدهم أبداً في أوقات الشدائد والأزمات وإنما تفزع قيادته إلى نجدتهم ومساعدتهم بالطرق والأساليب الممكنة كلّها. والنتيجة الأهم لذلك كلّه تتمثّل في نعمة الاستقرار الذي تتميّز به البلاد على المستويات كافّة. إن التواصل والتفاعل والتجاوب مع مطالب الجمهور ليس طارئاً ولا عابراً على قيادتنا الرشيدة، فهناك من موروث الخبرات والقرارات والتوجيهات التي تبرهن على رسوخ هذه القناعة في ضمير السياسة الإماراتية، منذ بداية دولة الاتحاد.