··· استقالة رئيس تحرير صحيفة '' ديلي ميرور '' البريطانية بيرس مورجان من منصبه واعتذار الصحيفة لقرائها ولضحايا الخطأ غير المقصود الذي ارتكبته في الأول من مايو الجاري ، على اثر اكتشاف خدعة الصور المركبة عن جنود من فرقة لانكشاير الملكية البريطانية وهم يسيئون معاملة معتقلين عراقيين ، تؤكد في جانب منها على مدى تغلغل ثقافة العودة التلقائية إلى جادة الصواب والرجوع إلى طريق الحق في المحيط الإعلامي الآخر ، وتشير في الوقت نفسه إلى بعد المسافة واتساع الهوة بين هذا الوسط والإعلام العربي ،الذي تتمرغ بعض وسائله في أوحال وأباطيل مكشوفة ، مما يضطر الرأي العام العربي ، الى الهروب من هذا الفضاء الرث والغث إلى فضاءات أخرى ربما تكون زاخرة بالحقيقة والكلمة الصادقة الشريفة ، لكنها قد لا تخلو من سم زعاف وسط هذا الدسم ·
لقد هجنت بعض وسائل الإعلام العربية كل جميل كان يعشقه المواطن العربي الذي أصبح لا يرى في هذا الجميل غير استخفاف بعقله واحتيال على نهمه الفطري لمعرفة ما يدور من حوله ، فكلما شاد هذا القاريء والمستمع والمشاهد تمثالا لعفتها ، شيدت تمثالا من عار الأكاذيب فوق تمثاله ، فلا غرو أن يعزف عنها إلى غيرها ، وهنا الطامة الكبرى حيث الغربة والإغتراب وحيث التفسير المغرض والرؤى المغايرة ، ومن ثم الإستلاب والتشبع بما ليس حقيقيا عن الواقع العربي مما يزيده التباسا على التباس ، وتشويشا على تشويش ، ويعمق من الصورة المشوهة التي يرسمها أعداء الأمة العربية وما أكثرهم !
إن الفخاخ التي تنصب للإعلام ويقع في شباكها في لهاثه المتواصل وراء السبق الصحافي الذي هو قمة الإنجاز وغاية المراد في العمل الإعلامي ، كثيرة جدا ومموهة ببراعة تامة ، ومنها على سبيل المثال صور الذبح والقتل والسحل والأشلاء البشرية الممزقة التي يلوح بها الغوغاء والقتلة ممن ينتسبون زورا وبهتانا إلى الدين الإسلامي الحنيف ، إضافة إلى إفساح المجال لصراخ وعواء سدنة الإرهاب لينفثوا سمومهم وليبثوا احقادهم وعقدهم في الفضاء الإعلامي العربي ، فإذا لم يقاوم هذا الإغراء الرخيص ، ويعمل على تغليب قيم الشفافية والموضوعية والنزاهة المهنية ، فلا محالة من الوقوع والسقوط في مستنقع التزييف ، ومتاهة المكر السيىء الذي لن يحيق إلا بأهله ·