تُعدّ إمارة أبوظبي من أبرز الساعين إلى ضمان الاستدامة التنمويّة على المستويين الإقليمي والعالمي؛ ولذلك فإنها توجّه معظم استثماراتها لتنويع اقتصادها بعيداً عن القطاعات النفطية، وتستهدف أن تصل بحجم الناتج في القطاعات غير النفطية إلى أكثر من 50 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي بداية من عام 2015، وتخطّط في إطار \\\"رؤيتها الاقتصادية لعام 2030\\\" ليكون نحو 64 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي مكوناً غير نفطي. ولتحقيق هذه الغاية، فإن حكومة أبوظبي تتبنّى سياسات اقتصادية طموحة تضمن تحفيز الاستثمارات الداعمة للتنويع الاقتصادي، والموجّهة نحو القطاعات غير النفطية، التي يأتي على رأسها القطاع الصناعي ومشروعات الطاقة الجديدة والمتجدّدة، وقطاع السياحة، وكلّ من قطاعي التعليم والصحة. ومن المتوقع في ظل هذا التوجه أن تصبح أبوظبي في السنوات المقبلة وجهة جاذبة للاستثمارات الخارجية في مختلف القطاعات، وإن كان القطاع الصناعي ستكون له جاذبية خاصّة مقارنة بباقي القطاعات، فقد شهدت أبوظبي في الآونة الأخيرة بداية فعلية لزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية الموجّهة نحو صناعات البتروكيماويات والطاقة المتجددة ومواد البناء والألمونيوم والصناعات التقنية الحديثة. ويأتي هذا التوجّه الإيجابي لهذه الصناعات في ظل ما تمتلكه الإمارة من مميزات مشجّعة للاستثمار في هذه الصناعات، تبدأ من توافر مدخلات الإنتاج لبعض هذه الصناعات، بالإضافة إلى توافر الخبرة في صناعات أخرى، نتيجة المبادرات العديدة التي قامت بها الإمارة في مجالات الطاقة الجديدة والمتجدّدة، ودعمها جهود البحث العلمي والتقني، وكل ذلك بالطبع في ظل ما تتمتع به الإمارة من ملاءة مالية قوية تمكّنها من توفير الدعم المادي والبنية التحتية والمعلوماتية اللازمة لقيام جميع هذه الصناعات، كما أن وقوع أبوظبي في منطقة الشرق الأوسط، التي تمثل قلب العالم، يوفّر لها ميزة القرب الجغرافي، وسهولة الوصول إلى معظم أقاليم العالم وأسواقه. وقد ظهرت إرهاصات هذا التوجّه بالفعل في الآونة الأخيرة، ويمكن قراءة ذلك من خلال الزيادة التي شهدتها الإمارة في الطلب على الأراضي الصناعية والعقارات المخصّصة لمثل هذه الصناعات، والاتفاق الذي أبرم، مؤخراً، بين مجموعة \\\"آبار\\\" ومؤسسة \\\"فيرجن جالاكتيك\\\" لاستقدام التكنولوجيا الفضائية إلى إمارة أبوظبي من خلال إنشاء مركز متكامل لإطلاق الأقمار الصناعية في المنطقة، ملحق به عدد من مراكز أبحاث الفضاء، لتكون أبوظبي مركزاً من أهم مراكز التكنولوجيا المتطوّرة في المنطقة، مما سينعكس بالتأكيد على مستوى التقدّم الصناعي والتطور التكنولوجي للإمارة بوجه عام. وإن كانت إمارة أبوظبي لا تبخل بأيّ جهد لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية بمختلف أنواعها وقطاعاتها، سواء أكانت في القطاع الصناعي، أو غيره من القطاعات، فإن هناك بعض العوائق التي مازالت تقف أمام الاستثمارات الصناعيّة الوافدة إلى الإمارة، وتأتي مشكلة ارتفاع تكاليف الأراضي والعقارات المخصّصة للأغراض الصناعية على رأس هذه المشكلات، وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم توافر التمويل المصرفي اللازم لتنفيذ المشروعات يعدّ عقبة أخرى أمام نمو هذه الاستثمارات، بسبب عزوف بعض المصارف عن تقديم هذا النوع من الائتمان نتيجة ظروف عدم اليقين المحيطة بالأداء الاقتصادي العالمي بوجه عام في ظل \\\"الأزمة المالية العالمية\\\". وتعدّ مشكلة عدم توافر الائتمان المصرفي من المشكلات غير المزمنة، كونها ناتجة في الأساس عن \\\"الأزمة المالية العالمية\\\"، وبالتالي فإنها سوف تزول من تلقاء نفسها عندما يتأهّب الاقتصاد العالمي إلى التعافي من آثار الأزمة، لكن تبقى مشكلة ارتفاع تكاليف الأراضي والعقارات، وهي مشكلة ليست وليدة \\\"الأزمة الماليّة\\\"، ويحتاج القضاء عليها إلى عمل دؤوب، بالتركيز على توفير العقارات والأراضي الصناعية والخدمات الملحقة بها، ووضع نظام فعّال لتسعير هذه العقارات والأراضي، والرقابة عليها لضمان شفافية السوق. عن نشرة \\\"أخبار الساعة\\\" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية