أثناء مراقبتي للوضع السياسي في نهايات العام الحالي، خطرت بذهني عشرة قرارات اتخذتها لنفسي وأنا استقبل العام الجديد، ألخصها كما يلي. أولها رفضي العمل ضمن أعضاء اللجنة المانحة لجائزة نوبل للسلام، فيما لو طلب مني ذلك. وأبرر رفضي الانضمام لتلك اللجنة بعدم شعوري بالارتياح في العمل مع هيئة قررت للتو منح جائزتها العلمية الرفيعة لرئيس أميركي ليس له من المساهمة التي تؤهله لمنح الجائزة سوى الكلام. وإذا ما التزمنا جانب الموضوعية فلا بد من الاعتراف بأن أداء الرئيس جورج بوش في مجالات عديدة كان أفضل بكثير مما فعله أوباما حتى الآن عقب توليه للمنصب الرئاسي، على رغم كل الانتقادات التي كانت توجه إلى بوش. صحيح أنه أخذ على الأخير بطلان المعلومات الاستخباراتية الخاصة بأسلحة الدمار الشامل، وهي الحجة الرئيسية التي شن بموجبها حربه على العراق. غير أن بوش خلّص العراقيين والعالم بأسره من أحد أسوأ طغاته منذ عصر القائد النازي أدولف هتلر. كما بذرت إدارة بوش بذور الديمقراطية في العراق، ما وفر لملايين العراقيين فرصة الممارسة الديمقراطية والاقتراع الحر في بلادهم. ثانياً: لن أصوت لصالح نائب الرئيس السابق ديك تشيني في حال خوضه لمنافسات السباق الرئاسي المقبلة. فأنا على يقين من أنه يحب زوجته وكلبه وبقية أفراد عائلته. بيد أن المواقف المتطرفة التي اتخذها إزاء ممارسات بعينها مثل التعذيب وغيره من الإجراءات الأمنية المتعسفة، لم تترك له مجالاً لنيل أدنى تأييد من جانب الكثيرين وأنا واحد منهم. كما لا أشك في المزحة التي تطلقها عنه زوجته بقولها إن مقارنته بـ"دارث فيدر" تمنحه نوعاً من الشعور بإنسانيته. ولكن سؤالي هنا: من يعتقد أصلاً أن بوسع ديك تشيني أن يفوز بالسباق الرئاسي ويصبح رئيساً للولايات المتحدة الأميركية يوماً ما؟ ثالثاً: بهذا السؤال الأخير، أنتقل إلى رفضي التام تأييد أي من تلك الولايات الخرقاء التي تطالب بتقنين تعاطي الماريجوانا لأسباب صحية طبية. فقد سبق لي أن عملت لعدة سنوات في مجال التحقيق حول كبرى عمليات ترويج المخدرات الدولية. ولن تفارق أذني يوماً تلك الكلمات التي تفوه بها أحد ضباط مكافحة المخدرات الأميركيين: "ليس بوسعي القول إن كل متعاط للماريجوانا ينتهي به الأمر إلى تعاطي المخدرات الأشد قوة وتأثيراً منها. ولكن ليس من مدمن واحد للمخدرات الأشد قوة وتأثيراً من كل الذين عرفتهم خلال خبرتي الطويلة في المجال، لم يبدأ بالماريجوانا أولاً". رابعاً: لن أصوت قط لصالح، مقدم الأخبار "لو دوبس" لتولي المنصب الرئاسي فيما لو انتهى به الأمر إلى خوض السباق الرئاسي. ربما أشاطره بعض المواقف والآراء، إلا إنه كان من واجبه أن يلتزم الحياد والاستقامة في تغطيته للأخبار، بدلاً من توظيف برنامجه التلفزيوني في مهاجمة خصومه ونهشهم بأظافره، علماً بأن هذا الرجل استقال من منصبه في شبكة "سي. إن. إن". خامساً: ربما تروق لي أحياناً متابعة برامج المذيع "جلين بيك" اليميني المحافظ من شبكة فوكس نيوز، وزميله كيث أولبرمان اليساري اللبيرالي في شبكة MSNBC بغرض المتعة والتسلية، ولكن ليس من أجل الحصول على المعلومات. بدلاً من الاعتماد على هذين في الحصول على المعلومات الإخبارية، فسوف أتمسك باستماعي لما تبثه إذاعة NPR وشبكة CNN. وبهذه المناسبة لا بد لي من الاعتراف بخطأ موقفي السابق من هذه الشبكة الأخيرة. فقبل سنوات بعيدة كنت قد تعمدت التقليل من شأن خدمات شبكة "سي. إن. إن" أثناء إشرافي الإعلامي على رحلة خارجية للوزير، عندما كنت ناطقاً رسمياً باسم وزارة الخارجية. وفي ذلك الوقت لم يكن يسمح لنا إلا بمرافقة عشرة صحفيين، فحسب في أي زيارة من الزيارات الخارجية التي يقوم بها الوزير، ما دفعني إلى تفضيل صحفيي "سي. بي. سي" و"إن. بي. سي"، و"إي. بي" إس على صحفي "سي. إن. إن". وكان تقديري في ذلك الوقت، أنه ليس متوقعاً أن تصل مغامرة ذلك المليونير الغريب الأطوار الذي أطلق شبكة "سي. إن. إن" الناشئة حينئذ إلى شيء يذكر في مجال الإعلام الأميركي. ولكن من ينظر إلى مكانة هذه الشبكة العملاقة اليوم، يدرك مباشرة كم كنت مخطئاً في حكمي ذاك. سادساً: لن أدعو مطلقاً الزوجين ميشيل وطارق صلاحي إلى منزلي لتناول العشاء. والسبب أن كلبي الصغير سوف يحرج بنباحه العالي المزعج كلاً من أفراد الخدمة السرية ووزير الشؤون الاجتماعية للبيت الأبيض، بسبب تقصيرهم في منع انضمام الضيوف المتطفلين لحفل عشاء لم يدعهم أحد إليه. سابعاً: لن أقرأ كتاب سارة بالين الصادر للتو "المروق". والسبب أن لي الكثير من الكتب القيمة التي تنتظرني قراءتها أولاً. وأعلم أن سارة بالين لن تكون رئيسة لأميركا، إلا أنها ستكون قوة كبيرة في سياسات الحزب "الجمهوري". بهذه المناسبة أهمس في أذن "مت روميني": افتح عينيك. ثامناً: لن أستمع إلى نائب الرئيس جو بايدن لأكثر من 10-15 دقيقة من الآن فصاعداً. فهو متحدث لا بأس به، ولكن هذا هو مدى احتمالي لما يقول. تاسعاً: لن أصطحب عائلتي في رحلة عطلة إلى كوريا الشمالية أو إيران. فقد كان الرئيس الأسبق رونالد ريجان يتحدث عن الاتحاد السوفييتي حينها بلغة "ثق ثم تأكد ثانية". وفيما نرى من سلوك نووي مريب في كل من طهران وبيونج يانج، فسوف يكون شعاري في التعامل معهما: "ربما نثق بعض الشيء..ولكن علينا التحقق المطلق مما نثق به". عاشراً وأخيراً: سوف تنهمر الدموع من عيني دائماً كلما رأيت في شاشة التلفزيون صور وأسماء أولئك الشباب الأميركيين الذين لقوا مصرعهم في عمر العشرين وهم يذودون عن حرية بلادهم وقيمها الديمقراطية خارج الحدود. جون هيوز ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مساعد وزير الخارجية في إدارة ريجان ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"