من الواضح أن الأميركيين غير مهتمين الآن بمحاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، فلازالت الأمور غير مستقرة في بلاد الرافدين، والحكومة العراقية الانتقالية الجديدة تخطو خطواتها الأولى على طريق تحمل المسؤولية والمشاركة في بناء العراق الجديد.
لكن ثمة جدلاً يعتري عملية المحاكمة، فالولايات المتحدة التي ألقت القبض على صدام حسين في 13 ديسمبر الماضي تتعامل مع الرئيس المخلوع على أنه أسير حرب، في حين طالب رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي بتجريد صدام حسين من صفته كأسير حرب والتعامل معه كمجرم حرب حتى يتسنى محاكمته على الممارسات الإجرامية التي ارتكبها في حق العراقيين.
وبغض النظر عما ستؤول إليه عملية محاكمة صدام، فإنها ستكون مسألة ضرورية لطي صفحة سوداء في تاريخ العراق، وهو ما يظهر من إلحاح العراقيين على البدء في المحاكمة. وضمن هذا الإطار ثمة تصريحات وردت على لسان مسؤول بريطاني تفيد بأنه يتعين على قوات التحالف تسليم صدام حسين إلى العراقيين لمحاكمته، وتصريحات أخرى تفيد بأن عملية المحاكمة لن تبدأ قبل بداية العام المقبل. وكان مجلس الحكم العراقي قد حدد موقفه من هذه المحاكمة مطالباً بأن تتم محاكمة صدام حسين كمجرم حرب أمام المحاكم العراقية المختصة على الجرائم التي ارتكبها في الفترة من 1968 حتى مايو2003.
لاشك أن محاكمة صدام حسين ستكون درساً وعبرة لكل طغاة العالم يتمثل في أن للظلم نهاية وأن الاستبداد والجبروت لا يدومان إلى الأبد. وبغض النظر عن التحقيقات التي أجراها الأميركيون مع الرئيس العراقي المخلوع أو المعلومات التي أفصح عنها لهم، فإن التكتم على مصير صدام يثير مزيداً من التساؤلات حول مصيره ونوع المحكمة التي سيمثل أمامها.
صحيح أن العراقيين منهمكون الآن في حكومتهم الانتقالية الجديدة ومهامها الصعبة، لكن المطالبة بالإسراع في محاكمة صدام ستشفي قلوب العراقيين وستدشن مرحلة جديدة يسودها العدل واحترام حقوق الإنسان. العراقيون في أمس الحاجة الآن إلى مؤسسات مستقلة لديها القدرة على مساءلة الحكومة وذلك حتى يتخلص العراقيون من "التابو" الضخم الذي أضفاه صدام على سلطته وقواته وجلاوزته.
أحمد حسين - دبي