جاءت الإمارات في المرتبة الأولى في منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر جودة الحياة لعام 2009 الصادر عن مجلّة "الإيكونوميست" البريطانية، مؤخراً، حيث حقّقت مستويات متقدّمة في المستويات المختلفة للمؤشر، سواء المتعلّقة بمستويات الرضا عن ظروف المعيشة أو بقياس التنمية وأبعادها المختلفة. تبوّؤ الإمارات هذه المرتبة المتقدّمة في مؤشر جودة الحياة، العام الماضي، ينطوي على معانٍ عدّة مهمّة، أولها نجاح التجربة الإماراتية في التنمية الشاملة التي تأخذ في الاعتبار الأبعاد المختلفة لعملية التنمية، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو سياسية، وبالشكل الذي يضمن لجميع أفراد المجتمع مستوى متميّزاً من الخدمات النوعية في مختلف المجالات. ولعلّ أهم ما يميّز هذه التجربة أنها في تطوّر مستمر، ولا تقف عند حدّ معيّن. المعنى الثاني هو أن حالة الرضا العام من جانب أفراد المجتمع، كما عكسها مؤشر جودة الحياة، تؤكّد بوضوح حقيقة مهمّة وهي أن الإنسان هو الهدف والغاية من عملية التنمية الشاملة في الدولة، فهو الذي يتمتّع بثمار التنمية في أبعادها المختلفة، سواء كانت في مستوى تعليمي متميّز أو رعاية صحية متقدّمة أو في توافر البنية الأساسية من شبكة طرق ممتازة ومواصلات واتصالات، وغيرها من الخدمات التي يلمسها في حياته اليومية. لاشكّ في أن الاهتمام بالإنسان، وجعله الهدف الرئيسي لبرامج التنمية المختلفة هو الذي يفسّر حالة الرضا التي يعيشها أفراد المجتمع، وهي الوجه الآخر كذلك لما تشهده الدولة من استقرارين سياسي واجتماعي، وهي التي تفسّر أيضاً حالة الانتماء العميق التي يشعر بها أفراد المجتمع تجاه الوطن، لأنهم يدركون أن كل ما يتحقّق على أرض الإمارات من إنجازات ومكتسبات تنمويّة في المجالات المختلفة، إنما يوجّه إليهم وإلى رفع مستواهم، وتنمية قدراتهم وقدرات أبنائهم والأجيال القادمة. وبفضل هذا فإن الإمارات تقدّم نموذجاً رائداً في بناء الإنسان، وتطوير قدراته ومؤهّلاته، وهذه هي كلمة السر وراء نجاح تجربتها التنموية التي أصبحت قادرة ليس على مواجهة أي تحدّيات تواجهها فقط، بل والانطلاق أيضاً إلى آفاق أرحب وأوسع. المعنى الثالث هو أن المستوى المتقدّم لنوعية الحياة في الإمارات يجعلها من أكثر دول العالم جذباً للعمل والإقامة والاستثمار، فالإمارات كما تقدّم نموذجاً تنموياً ناجحاً، فإنها تقدّم نموذجاً اجتماعياً فريداً للتعايش بين مختلف الجنسيات المقيمة على أراضيها، حيث يتعايشون في توافق تام، وبعيداً عن أي احتقانات أو توتّرات قد تنشأ نتيجة لاختلاف النمطين القيمي والثقافي لهذه الجنسيات، فالجميع يستظل بمظلّة التعايش التي ترعاها الدولة. إن تبوّؤ الإمارات المرتبة الأولى إقليمياً في مؤشر جودة الحياة، وتزايد الثقة باقتصادها من جانب العديد من التقارير الدولية في الآونة الأخيرة، لهو اعتراف وتأكيد نجاح سياسات الدولة في النهوض بالوطن والمواطن معاً، ولعل المقولة المأثورة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله "إن الوطن دون مواطن لا قيمة له ولا نفع منه مهما ضمّت أرضه من ثروات وموارد" تفسّر بوضوح لماذا نجحت الإمارات في الارتقاء بجودة الحياة ونوعيتها، وتشير كذلك إلى أن سياسات النهوض بالإنسان لن تتوقف، ما دام الإنسان ركيزة التنمية والهدف منها. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية