"العدالة البطيئة ظلم"... هكذا يقول المبدأ الذي استقرّ في وجدان الناس وعقولهم للتعبير عن السلبيات الناتجة عن طول إجراءات التقاضي والتعقيد الذي تنطوي عليه، ولهذا عملت دولة الإمارات على تكريس مبدأ آخر بديل هو "العدالة السريعة"، من خلال مظاهر التطوير الضخمة التي لحقت بالنظام القضائي في الدولة. في هذا السياق تكتسب الأرقام والإحصاءات، التي صدرت عن "دائرة القضاء" في أبوظبي، مؤخراً، ونشرتها صحيفة "الاتحاد" يوم 21 مارس 2010، حول معدل إنجاز الأعمال فيها خلال عام 2009 مقارنة بعام 2008، أهميّتها ودلالتها. فقد كشفت هذه الأرقام عن أن نسبة الفصل في القضايا بلغت 99 في المئة في عام 2009 من إجمالي القضايا المعروضة في الدوائر القضائية في الإمارة، مقارنة بـ 98 في المئة عام 2008، وبلغ إجمالي عدد القضايا المحكوم فيها أكثر من 328 ألف قضية مقابل 138 ألف قضية في عام 2008. ولا يتوقف الأمر عند سرعة الفصل في القضايا فقط، وإنما يمتدّ إلى درجة الرضا عن الأحكام الصادرة بشأنها أيضاً. في هذا السياق أكّدت "دائرة القضاء" في أبوظبي أن نسبة الرضا عن الأحكام الابتدائية التي صدرت في عام 2009 بلغت 96.4 في المئة، فيما بلغت هذه النسبة في الأحكام المستأنفة 88.2 في المئة. وهذا يشير إلى أن "دائرة القضاء" في أبوظبي قد نجحت في التعامل مع أكبر عدد من القضايا المطروحة على المحاكم وفي الوقت نفسه بمستوى كفاءة عالية جذبت رضا المتعاملين معها. هذا الإنجاز الذي حقّقته الدائرة لم يأت من فراغ وإنما من عدد من الأمور، أولها دعم القيادة لوجود الأنظمة القضائية التي تضمن سرعة الحصول على العدالة، وهذا ما يؤكّده باستمرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله. ولا شك في أن دعم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، رئيس "دائرة القضاء" في أبوظبي، لتطوير عملية التقاضي في الإمارة وتحديثها، كان له الدور الجوهري في تحقيق هذا الإنجاز. الأمر الثاني هو حرص "دائرة القضاء" في أبوظبي على الأخذ بأحدث الأساليب العالمية المستخدمة في المحاكم، ما ساعد على سرعة إجراءات التقاضي وسهولة التعامل معها من قبل المعنيّين، ومن ثم ارتفاع معدل رضاهم عنها. الأمر الثالث هو التوسع في الأخذ بالقضاء المتخصص الذي يتجاوب مع المتغيّرات والتطورات التي لحقت بالمجتمع، وفي هذا الإطار تم إنشاء محاكم ونيابات متخصصة في الإعلام والأسرة والأموال، إضافة إلى المحاكم التجارية. ولا شك في أن وجود هذا القضاء المتخصص يمثّل أحد الأسباب المهمة التي تقف وراء سرعة الفصل في القضايا من ناحية وكفاءة التعامل معها من ناحية أخرى، لأنه عندما تطرح القضية أمام محكمة أو نيابة متخصصة بشكل أساسي فيها وعلى معرفة تامة بجوانبها الفنية، فإن هذا يضمن الانتهاء منها بسرعة من ناحية وإصدار الأحكام المناسبة التي تلقى الرضا بشأنها من ناحية أخرى. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية