في بادرة متميزة أقامت جمعية الصحفيين، بالتعاون مع لجنة المحامين للدفاع عن الصحفيين ومركز التدريب الإعلامي بمؤسسة "البيان" للصحافة دورة تدريبية مكثفة خاصة في مجال التثقيف القانوني للصحفيين بالدولة، حول المسؤولية القانونية في العمل الصحفي، من أجل بناء غطاء واق من الوقوع تحت طائلة تحرير الكلمات التي يساء فهمها قبل الوصول إلى النشر.
نشيد أولا بهذا العمل التعاوني الثلاثي الأضلاع، فلقد أثبتت الجمعية في دورتها الجديدة أنها قادرة على إعطاء الصحفيين بالدولة الجرعة المناسبة من حاجاتهم الفكرية والواقعية أثناء قيامهم بواجب الدفاع عن الحريات، والتمسك بالكلمة الصادقة، والخبر الصحيح، وتقديم الاعتذار بين يدي الأخطاء غير المتعمدة، حفاظا على أخلاقيات مهنة الصحافة من أن تصاب بانتكاسة.
خلال يومين عرج المحاميان المحاضران على الكثير من الموضوعات القانونية التي قد يغفل عنها الصحفيون بسبب انشغالهم الدائم بمتابعة الخبر وتقنياته التحريرية.
فأهمية هذا النوع من الدورات نابعة من تداخل خطوط القانون في حياة الناس بالمجتمع والصحفي من جملتهم، لذا كان التركيز في هذه الدورة على كل ما يخص الصحفي من حقوق وواجبات شخصية أو محظورات أو مسموحات النشر العام لكل حرف يتعلق بقلمه.
والأمر الملفت للنظر أن هذه الدورة تختلف عن مثيلاتها من حيث إن الخطاب كان مرسلا في اتجاهين، فكانت المشاركة من المحاضرين والجمهور بالتساوي حتى شعر البعض بأن الكل كان يحاضر.
وهذا في حد ذاته يدل على أن الهموم القانونية نتيجة الممارسات الميدانية هي من شواغل الصحفيين، وقد جاء الوقت الذي يخرج كل صحفي من مكنونه، بعد أن شعر بأن القانون الأب المتمثل في الدستور بالدولة أعطى الصحافة والصحفيين كامل الحرية في التحرك بين ثنايا المجتمع، بشرط عدم المساس بكبار المسؤولين وهم الخط الأحمر، أما غيرهم من المسؤولين فإن أعمالهم ليست محصنة ضد أقلام الصحفيين مهما بلغوا في سلم الرتب الوظيفية.
إن المسؤولية القانونية متلازمة مع مسؤولية الكلمة المكتوبة وحسن النية هو سلاح الصحفي الذي يقف معه القانون لحمايته، ولقد اكتشفنا في هذه الدورة أن قانون العمل بالدولة الذي ينظم عمل الصحفي الإداري أعطى له حقوقا يغفل صاحبها عن متابعتها حين وقوع الظلم عليه من قبل المؤسسة التي يعمل بها وذلك لقلة الصبر واستعجاله للانتهاء من بعض القضايا قبل صدور الأحكام النهائية، فيضطر الصحفي وغيره بالتنازل عن بعض حقوقه مع أنها مؤمنة ومصانة بحكم القانون.
فالدورات الإعلامية الناجحة هي التي تضيف إلى رصيد العاملين في هذا القطاع مادة علمية واقعية، تكون لهم عونا لتحصين الأداء وتخفيف الاحتكاك السلبي بين ناشر الخبر وقارئه. وهو ما نسميه هدفا مهما قد تم إنجازه ولفترة قصيرة لو قورنت بالكثير من الدورات التي قد تأكل من وقت الصحفي ولا تعطيه.
فالدورات النوعية توفر الكثير على الصحفي الذي لا يملك الوقت الكافي للتثقيف الذاتي وتعينه وتأخذ بيديه إلى حيث الحاجة الضرورية من مواد عملية عامة ومهمة بالنسبة إليه فبمزيد من هذه الدورات التخصصية يرقى العمل الصحفي في المجتمع وتضيق سبل الاختلاف في تفسير وتأويل ما ينشر من الأخبار في مختلف الصحف بالدولة.